إلاَّ الأعراض.. لا يجوز المساس بها

كتب: د. علي صالح الخلاقي
قبل أن نطالب بشرطة الأخلاق أو الآداب..نتحتاج لأخلاق الضمير ..ولا ينبغي أن نتحول إلى ذئاب بشرية نفترس الأعراض كما هو حالنا مع انتشار وسائل التواصل التي لا رقيب ولا حسيب عليها، بما في ذلك غياب الضمير لدى من لا هدف لهم إلا التشهير أو المساس بالغير من دون تفكير بعواقب ما يقدمون عليه من عمل خطير قد لا يدركون عواقبه.
ولنعلم أن من أخطر ما يسيء إلى المجتمع ويهدم روابطه هو التعرّض لأعراض الناس أو الخوض في سمعتهم، سواء بالكلمة الجارحة، أو الإشاعة الكاذبة، أو نشر ما يُسيء لهم عبر وسائل التواصل أو في المجالس. فالكلمة قد تكون أشد جرحاً من السيف، ولا يعلم أحدٌ أثرها النفسي والاجتماعي على من وُجّهت إليه.
على كل إنسان أن يستحضر دائماً قاعدة عظيمة: “ضع نفسك مكان غيرك”. تخيّل أن ما تقوله أو تنشره عن الآخرين قيل عن أهلك، أو عُدواناً على سمعتك أنت. هل كنت سترضى بذلك؟ بالتأكيد لا. إذن فلتجعل من هذا المقياس ميزاناً لكل كلمة أو فعل.
إن صون الأعراض والخصوصيات ليس فضيلة فردية فقط، بل هو سياج يحمي المجتمع من التفكك والعداوات ويعزز الثقة والاحترام بين أفراده. ومتى ما شاعت الغيبة والبهتان، ضاعت المروءة، وانتشر الظلم، وضاعت القيم.
إن العرض شرفٌ مصون وكرامة لا يجوز الاقتراب منها، وقد أولى ديننا الإسلامي الحنيف هذا الجانب أعظم الرعاية، فجعل صون العرض من الضرورات الخمس التي أوجب حمايتها، وحرّم كل ما يؤدي إلى خدشها أو النيل منها قولا أو فعلا.
لذلك وجب علينا جميعاً أن نُربي أبناءنا على احترام أعراض الناس واعتبارها خطوطاً حمراء، وأن نحذر من نشر الإشاعات أو مشاركتها مهما كان مصدرها، وأن نكبح ألسنتنا عن الغيبة واللمز والسخرية، وأن نتذكر دوماً أن الله مطّلع علينا، وأن الكلمة أمانة ومسؤولية والعرض مصون، والخصوصية حق، ومن مسّ أعراض الناس مسّ عرضه هو، ومن صانها صان الله له عرضه ورفع قدره.