الحلقة ( 1 – 3 ).. الفصل الأول: الدلالات والأبعاد المحتملة لتصريح الرئيس عيدروس الزُبيدي حول إمكانية ضم مأرب وتعز ضمن الحدود الجغرافية والسياسية لدولة الجنوب

كتب المستشار: ضياء المحروقي
إن تصريح الرئيس عيدروس الزُبيدي في هذه المقابلة ليس مجرد إجابة سياسية عابرة، بل يحمل دلالات استراتيجية وجغرافية وسياسية بعيدة المدى، خاصة في ظل التحولات الجارية في المشهد اليمني.
إليك عزيزي القارئ الكريم تحليلًا شاملًا للدلالات والأبعاد المحتملة لهذا التصريح:
🔹 أولًا: الدلالات السياسية
1. رسالة إلى المجتمع الدولي:
بهذا الزُبيدي يرسل إشارة إلى القوى الإقليمية والدولية بأن الجنوب ليس منغلقاً على حدوده التاريخية فحسب، بل منفتح على صيغة اتحادية موسعة تشمل مناطق شمالية ترفض الحوثي، مما يجعل مشروع الجنوب أكثر مرونة وقابلية للدعم الدولي.
2. توسيع نطاق الشرعية الجنوبية:
عندما تحدث الزُبيدي عن أجزاء من مأرب وتعز كـ “راغبين بالانضمام”، فهو يسعى إلى نزع الشرعية الوطنية عن الحوثي من جهة، وعن الحكومة الشرعية الشمالية (مجلس القيادة) من جهة أخرى، ليقول: إن المشروع الجنوبي هو الخيار الواقعي لليمنيين الأحرار.
3. تحجيم نفوذ حزب الإصلاح:
الزُبيدي يفتح الباب أمام تحالفات وطنية جديدة مع قوى شمالية في مناطق نفوذ حزب الإصلاح اليمني ورافضة لنفوذه في مناطقهم وهي المناطق التي ذكرها الزبيدي بأجزاء من مأرب وتعز، وهي التي عانت وما زالت تعاني من الإنفلات الأمني إلى سببه الإخوان وما حادثة الشهيدة امتهان الا اقرب شاهد، وهو ما يهيئ لتشكيل تحالف استراتيجي (شمالي وطني-جنوبي) تحت قيادة الجنوب مستقبلًا.
🔹 ثانيًا: الدلالات الجغرافية والاستراتيجية:
1. توسيع الخارطة الجغرافية للجنوب المستقبلي:
إن الحديث عن ضم مناطق من مأرب وتعز إلى دولة الجنوب المحتملة يعني إعادة ترسيم الحدود السياسية بين الشمال والجنوب، وتوسيع النفوذ الجنوبي باتجاه مناطق استراتيجية غنية بالموارد والموقع (مأرب بالنفط، وتعز بالموقع الجغرافي والكتلة السكانية).
2. تهيئة لمعادلة أمنية جديدة:
هذه المناطق يمكن أن تكون نطاقاً عازلاً بين الجنوب والحوثيين، أي منطقة شمالية تتمتع بالحكم الذاتي ضمن اتحاد جنوبي، مما يضمن أمناً استراتيجياً للجنوب ضد أي تهديد مستقبلي من الشمال.
3. إعادة هندسة التوازن الإقليمي:
بضم مناطق من الشمال، فإن الجنوب لن يكون مجرد إقليم جنوبي منغلق، بل سيشكل قوة جغرافية ممتدة من البحر العربي حتى مشارف المرتفعات الشمالية، ما يعزز نفوذه في المعادلة الإقليمية.
🔹 ثالثًا: البعد الفكري والرمزي:
تغيير مفهوم الجنوب من جغرافيا إلى مشروع سياسي:
لم يعد الجنوب مجرد حدود 1990، بل تحول إلى مشروع وطني جامع يقوم على رفض الهيمنة الحوثية وبناء دولة اتحادية مرنة، وهذا يعيد تعريف هوية الجنوب في الوعي الشعبي والسياسي.
🔹 رابعًا: الأبعاد المستقبلية
1. تهيئة الأرضية لمفاوضات الحل النهائي:
التصريح يبدو كرسالة مبكرة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن الحل القادم في اليمن لن يكون ثنائياً (حوثي–شرعية)، بل ثلاثي الأبعاد (حوثي–جنوبي–شمالي).
2. تهيئة رأي عام جنوبي وشمالي:
الزبيدي يمهد فكريًا لتقبل الجنوبيين فكرة أن حدود الجنوب ليست ثابتة، ولتقبل الشماليين فكرة أن “الجنوب قد يكون مظلة أكثر عدلًا” من سلطة الحوثي.
3. تحريك المياه الراكدة في مجلس القيادة:
التصريح قد يكون أيضاً ضغطاً سياسياً غير مباشر على مجلس القيادة الرئاسي لإظهار أن المجلس الانتقالي يمتلك مشروعاً واضحاً ومستقبلاً سياسياً مهيأ، بينما الآخرين ما زالوا في موقع رد الفعل.
الخلاصة:
تصريح الزُبيدي يحمل رؤية استراتيجية متقدمة، تضع الجنوب في موقع المبادِر لا المنفعل، وتُعيد رسم خارطة اليمن سياسياً وجغرافياً بطريقة جديدة.
انتهى الفصل الاول..
ويليه الفصل الثاني: ردود الفعل المحتملة مع تفصيل مواقف الداخل اليمني والإقليمي والمجتمع الدولي.