مقالات وآراء

في الذكرى الـ ” ٦٢ ” لثورة ١٤ أكتوبر .. قيادة جبهة حالمين أنموذجا في صناعة الفجر الأكتوبري

كتب / المحامي سعد عبدالله محمد الحالمي

 

حلت علينا اليوم الثلاثاء الذكرى الـ (62) لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، والتي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشماء، وتوّجت بطرد آخر جندي بريطاني من أرض الجنوب.

حري بنا اليوم وبعد مرور 62 عاماً على انطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر في العام 1963م أن نستذكر تلك المآثر البطولية التي اقترحها فدائيو ومناضلو الجبهة القومية ، وقدموا خلالها تضحيات جسام في سبيل التحرر والانعتاق من أعتى استعمار للامبراطورية العظمى التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس ..
إنه يوم تاريخي مجيد لا يمكن نسيانه من ذاكرة كل أبناء الجنوب خاصة ، وقوى التحرر الوطني العربية والعالمية .
في هذا اليوم التاريخي الشاهد على المآثر البطولية الشجاعة لأبناء الجنوب انطلقت أول شرارة لثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان الشماء والتي أذاق فيها فدائيو الثورة جحافل المستعمر البريطاني الأمرين . . وفي هذه الذكرى الغالية على قلوبنا نستذكر تلك الملاحم البطولية لأبناء ردفان ، وجبهة حالمين وكل جبهات الجنوب ، والتي أسقطت الغزاة المستعمرين ، منذ للوهلة الأولى لاندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر من قمم جبال ردفان الشماء ، وإننا إذ نشعر بالفخر، والعزة، والكرامة، إزاء التضحيات التي قدمها أباؤنا، وأجدادنا ضد الاحتلال البريطاني”.

وشكلت ثورة 14 أكتوبر 1963م التي انطلقت من جبال ردفان الشامخة علامة فارقة في تاريخ الثورات التحررية العربية والعالمية . . صورة من نموذج مميز وفريد اجتمعت فيها الإرادة الشعبية الجنوبية لتسطر فصلًا جديدًا من النضال ضد الاحتلال البريطاني، الذي ترك آثارًا عميقة في نفوس أبناء الشعب الجنوبي.

من جبال ردفان الشماء اندلعت ثورة ١٤ من أكتوبر 1963م ، وتوسعت إلى عدن والضالع ومختلف محافظات الجنوب ، ودارت مواجهات مسلحة بين الثوار والقوات البريطانية ، وحظيت الثورة بالدعم الشعبي والالتفاف الشعبي الجماهيري وتوحد الجنوبيون ضد الاستعمار ، كما حظيت بدعم من العديد من الدول العربية، بما فيها مصر العروبة وغيرها، وحققت الثورة انتصارات كبيرة ومتواصلة حتى نيل الاستقلال في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧ م،وإعلان استقلال الجمهورية، وبفضل ثورة الرابع عشر من أكتوبر حدثت متغيرات كبيرة و متسارعة اقتصادية واجتماعية وثقافية و إرساء دولة النظام والقانون وبنا مؤسسات الدولة الجنوبية.

وكانت ثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣ م حدثا هاما في تاريخ الجنوب خاصه والمنطقة العربية والاقليم عامة ، حيث ساهمت في تحقيق وتغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعيشية والإنسانية والخدمات، والأمن والاستقرار في كافة محافظات دولة الجنوب.

في هذا اليوم العظيم للذكرى الـ ” 62 ” لثورة 14 أكتوبر 1963م التي سقط فيها الفدائي راجح بن غالب لبوزة أول شهيد للثورة المباركة ، حرب بنا أن نعيد شريط الذكريات للأدوار النضالية والملاحم البطولية التي اجترحها قادة وأعضاء جبهة حالمين من الكفاح المسلح حتى نيل الاستقلال . . جبهة حالمين التي تم إعلانها كثاني جبهة مسلحة بعد جبهة ردفان . . الجبهة التي قادها المجاهد الأكتوبري الفذ عبدالله مطلق مؤسس الجبهة وفارسها الأول المرحوم المناضل عبدالله مطلق صالح .

في هذه المناسبة الخالدة علينا أن نتذكر أبرز قيادات جبهة حالمين أثناء مرحلة الكفاح المسلح لثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة وهم : القائد المناضل الفقيد عبدالله مطلق صالح قائد جبهة حالمين والشهيد المناضل القائد حيدره مطلق صالح عضو قيادة جبهة حالمين والشهيد المناضل القائد عبدالقوي محمد عبدالقوي العلوي عضو قيادة جبهة حالمين والشهيد المناضل القائد شايف علي الغلابي عضو قيادة جبهة حالمين والفقيد المناضل القائد احمد علي بن علي مسعود عضو قيادة جبهة حالمين ، والشهيد المناضل محمد مطلق صالح عضو قيادة جبهة حالمين والشهيد المناضل القائد محمد سعيد الكرب والشهيد المناضل علي صالح مطلق الحالمي والشهيد المناضل القائد فضل علي النسري وكذلك قيادات أخرى لم تسعفنا الذاكرة لذكرهم كما كان هناك مناضلون من الحرس الشعبي الثوري لجبهة حالمين امثال اللواء الركن الفقيد عبدالله محمد عبدالقوي العلوي الحالمي و الفقيد المناضل  عبدالله محسن الحنطري و الفقيد المناضل علي عبدالله صالح العلوي الحالمي والشهيد المناضل محسن علي النسري و الفقيد المناضل عبدالقوي صالح مهدي العمري الحالمي و الفقيد المناضل محرز صالح مهدي العمري والمناضل سعيد صالح محرز العمري الحالمي و الفقيد المناضل صالح احمد سعيد العمري والشهيد المناضل راشد حسين الحشري والمناضل عمر صالح الحشري وآخرين .

مذكرات تاريخية :

وفي هذا الحيز أتحدث عن وقائع تاريخية ، مستشهداً بما وجدته في مذكرات والدي المناضل اللواء الركن المناضل عبدالله محمد عبدالقوي الحالمي أحد أفراد جيش التحرير لثورة ١٤ أكتوبر المجيدة رحمة الله عليه والتي أقتصصت منها أحداث ووقائع وشواهد متعلقة بالأدوار العظيمة لقيادة وأعضاء جبهة حالمين ، والتي تعد وثائق تاريخية لا يمكن إنكارها أو محاولة تزويرها كما يحصل في كتابة التاريخ من قبل أعداء الجنوب الذين عملوا ، وما زالوا يعملون إلى اليوم بمحاولات تحريف الحقائق التاريخية وتشويه الأدوار النضالية لثوار ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة ، ونسبها لغيرهم .

الأهمية الاستراتيجية والعسكرية لمنطقة حالمين :

وما جاء في سياق المذكرات أحاديث تم تدوينها على لسان المناضل الأكتوبري الفذ المجاهد عبدالله مطلق في شريط ذكرياته التي سجلت في المذكرات ، وتحدث عنها المناضل عبدالله مطلق في سلسلة أحاديثه مع وسائل الإعلام المختلفة وقال الفقيد المناضل عبدالله مطلق ” عندما أدركت قيادة الثورة بمدى أهمية منطقة حالمين الاستراتيجية قررت أن تكون جبهة مسلحة كونها محاطة بسلاسل جبلية تتكون من منطقة (حبيل جبر والحبيلين) جنوباً و(الحواشب والضالع) غرباً و(الحصين والشعيب) شمالاً و(يافع) شرقاً الأمر الذي جعلها تشكل جبهة إسناد كفاحي وعمقاً استراتيجياً لجيش التحرير .

قصف منطقة حالمين :

وفي شهر يونيو 1964م قامت طائرتان حربيتان بإنزال إنذارات إلى أهالي منطقة حالمين تطلب منهم مغادرة منازلهم خلال نصف ساعة، لأن المنطقة سيتم قصفها ، وبعد انتهاء مدة الإنذار أغارت خمس طائرات حربية على المنطقة وضربت المنازل في منطقة جرمل ، وأصيبت إحدى الطائرات بسلاح الثائر المناضل عبدالله سالم الغلابي ٠

العمليات العسكرية لثوار جبهة حالمين :

وقام ثوار جبهة حالمين بتنفيذ عشرات العمليات العسكرية على مراكز ومعسكرات وآليات ودوريات الإنجليز في مناطق حالمين ، وكبدوا قوى الاحتلال الإنجليزي خسائر في الأرواح والمعدات ، حيث بدأ الطيران الإنجليزي بقصف منزل الشيخ/ محمد مطلق صالح والجبال المجاورة له في 30 أغسطس 1964م، اعتقاداً بوجود مخازن للسلاح وأماكن لتواجد الثوار واستمر القصف إلى المساء وتم تدمير المنزل كاملاً ، ثم خاض ثوار جيش التحرير معركة بطولية ضد الإنجليز ، وسقط المناضل علي شايف حسين كأول شهيد للجبهة وجرح المناضلان الشيخ محمد مطلق صالح وعلي بن علي صالح، وتكبد العدو تسعة قتلى وجرح عدد آخر من جنوده وولوا هاربين تاركين معداتهم العسكرية.
وتنوعت العمليات في مناطق حبيل المصداق وسيلة حلية ولحمرين وسيلة حردبه وخله والردوع ونوبة المقنع والمناطق المجاورة لها جرمل وشباعين ومركز الشعيب وغيرها .

في هذا الحيز سلطنا الضوء على الأدوار النضالية التي اجترحها قيادة وأعضاء جبهة حالمين من الكفاح المسلح حتى نيل الاستقلال ، وهذا ليس إلا كأنموذج للتذكير بالمآثر البطولية لقادة وثوار جبهة حالمين ، وإنصافا للتاريخ فأن هناك بالمثل جبهات كثيرة لعبت أدوارا نضالية وسجلت ملاحم وبطولات وطنية في مواجهة المستعمر البريطاني في كل محافظات الجنوب .

وفي هذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نترحم لكل شهداء الجنوب منذ انطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام ١٩٦٣م وحتى اليوم ، ونجدد العهد لهم بأننا ماضون على الطريق الذي استشهدوا من أجله ، ولا يسعنا إلا أن نحيي كل الجرحى والمعتقلين والمناضلين الذي دافعوا ببسالة من أجل الحرية والاستقلال واستعادة دولة الجنوب ، ونحيي ابطال المقاومة والقوات المسلحة الجنوبية الذي اجترحوا البطولات لمواجهة الاستعمار البريطاني والاحتلال اليمني والغزو الحوثي ، والتحية لشعبنا الجنوبي الصامد في وجه الحصار المفروض عليه من قبل قوى الاحتلال الشمالي .. والتحية لكل المرابطين في جبهات القتال ، ولكل الغيورين على وطننا الجنوبي المطالبين بحريته واستقلاله واستعادة دولته .

وفي الختام نجدد العهد والولاء للرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، على المضيّ قدماً بقيادته الشجاعة على درب الآباء والأجداد حتى التحرير الكامل لوطننا الجنوب واستعادة دولته كاملة السيادة .

زر الذهاب إلى الأعلى