السلطة والحلف وجهان لعملة واحدة

كتب/ ناصر التميمي
ما يحدث في حضرموت اليوم من عبث وفساد إداري ومالي في السلطة المحلية، أمر متوقع لسبب واحد بس هو لأن حضرموت لا تزال تديرها عناصر تابعة للأحزاب اليمنية العفاشية والإصلاحية، ومن على شاكلتهم ممن ترعرعوا في كنف الأحزاب اليمنية التي لا يحلو لها العيش إلا في وحل الفساد المستشري، الذي مازال ينخر في مؤسسات الدولة كالنار في الهشيم.
خذوها مني بالفم المليان، لا يمكن لحضرموت أن تنهض أو تخرج من النفق المظلم الذي أدخلوها فيه، مادام المحافظة تديرها أيادٍ لا تزال على ارتباط وثيق بالقوى اليمنية التي لا تريد لنا الخير في وطننا أبداً. كل ما يريدونه هو تركيع أبناء حضرموت بحرب الخدمات التي يحاربونه بها، ليقدموا القوى اليمنية بمختلف مسمياتها على طبق من ذهب.
منذ الوهلة الأولى لبدء الصراع المزعوم بين السلطة والحلف بدأت تفوح منه رائحة نتنة، حتى وإن تستر حلف الهضبة بعباءة الحقوق، وهلمّ جرّا من الأحلام الفضفاضة التي كان يروج لها. فيما كانت السلطة المحلية، التي ظلت ترقص على السلالم، واضعة نفسها في موقف المتفرج وفضّلت مراقبة الوضع وكأن الأمر لا يعنيها، وهي الأصل ترقص على رؤوس الشعب الذي أذاقوه شتى صنوف العذاب، وهم جلوس يتلذذون بمعاناة الناس وكل واحد يغني على ليلاه، وفاكرين الناس مش عارفة اللعبة الخبيثة التي يديرونها علينا كشعب، بينما الناس عرفت حقيقة الأمر منذ الوهلة الأولى التي دخلت فيها حضرموت فيما سمي زوراً وبهتاناً صراع قطبي السلطة المحلية، وهو في الأصل لم يكن هناك صراع وإنما كان اتفاقاً مبطناً وُقِّع في الخفاء لتعذيب الشعب وإدخال المحافظة في معمعة الصراعات التي كنا في غنى عنها.
الكل يعلم جيداً أن كل الأزمات المصطنعة الحاصلة في حضرموت هي بفعل فاعل، للأسف الشديد، تديرها أيادٍ حضرمية تتحكم بها القوى اليمنية وبعض الدول الإقليمية، والهدف منها إعاقة تحرير الوادي والمشروع الجنوبي الذي يحمله المجلس الانتقالي الجنوبي، وتفتيت الحاضنة الشعبية الكبيرة له في حضرموت، التي أرسلت أكثر من رسالة لأعداء الجنوب بأن حضرموت جنوبية الهوى والهوية، لكنهم سيفشلون أمام صمود الشعب، وفي الرابع عشر من أكتوبر ستكون الرسالة مزلزلة من مدينة شبام التاريخية.
بعد عام من المهزلة التي أدارتها ما تسمى بالسلطة المحلية وحلف الهضبة، عفواً، حلف الديزل، بتعذيبهم المواطن الحضرمي من خلال قطع الوقود الخاص بالكهرباء والماء وغيرها من الخدمات التي تجرعها المواطن باسم الحقوق وما ادراك ما الحقوق، وبعض الأوهام والأحلام التي دوخونا بها تحت يافطة الحكم الذاتي زوراً وبهتاناً، وكل ذلك من أجل تحقيق مآرب شخصية على حساب السواد الأعظم من الحضارم الذين لا حول لهم ولا قوة، والذين زادت معاناتهم جراء ما يمارس ضدهم من قطبي السلطة المحلية الذين اصطنعوا خلافاً وردياً وهم في الأصل لا خلاف بينهم إلا على منصات التواصل الاجتماعي فقط، وهم من تحت الطاولة حبايب، وزي ما يقول المثل الحضرمي سمن على عسل، يعني أنت خليك مكانك وأنا مكاني وكل شيء على ما يرام. خذ حقك وهات حقي والمواطن يضرب برأسه في الجبل أو يشرب من البحر.
لقد تفاجأت أنا مثلي غيري من أبناء حضرموت عندما اطلعت على خبر نشره موقع الأحقاف نت، يوم الأحد بتاريخ ٢٠٢٥/١٠/٤ تحت عنوان (اتفاق غير معلن بين محافظ حضرموت وحلف قبائل حضرموت لتمرير الديزل المدعوم وبيعه بسعر السوق). وكما أشار الموقع في ديباجة الخبر، فإن الاتفاق يقضي بتمرير شحنات الديل المدعوم من شركة بترومسيلة وبيعها في السوق المحلية بسعر السوق الحر بدلاً من السعر المدعوم.
الآن أيها الحضارم انكشفت الحقيقة وبان المخبأ، وعرفنا من الذي كان المتسبب الحقيقي في تعذيب الناس طيلة سنة كاملة، وهم مسويين لنا زحمة وكلام حنان طنان، وأحلام بنفسجية مغلفة بوشاح الحقوق الوهمية التي لم يرَ منها المواطن إلا العذاب والحرمان من أبسط حقوقه، رغم أنه ينام على بحر من الثروات.
ما جرى من اتفاق بين السلطة والهضبة ليس بالأمر المستغرب، بل هي الحقيقة بعينها التي تثبت أنهما متفقين منذ البداية على تعذيب الشعب، وما حصل خلال اليومين الماضيين من اتفاق من تحت الطاولة بينهما إنما جاء ليؤكد المؤكد الذي حذرنا منه، وليثبت للجميع أن السلطة المحلية والهضبة هما وجهان لعملة واحدة، اتفقوا على ذبح حضرموت من الخلف من أجل تحقيق مصالح شخصية على حساب الشعب من جهة، ولضرب الحاضنة الشعبية للمجلس الانتقالي من جهة أخرى، إرضاءً للقوى اليمنية التي تريد العودة إلى الجنوب مرة أخرى عبر بوابة حضرموت.