العودة إلى زمن الراديو

كتب / ليان صالح
ماذا يحدث حين تجد نفسك تحت نصيحةٍ ملزمة من الطبيب بعد عملية جراحية في إحدى العينين، أو فيهما معاً، أن تبقى رهين غرفةٍ خافتة الأضواء، ممنوعاً من القراءة والكتابة؟ في حالة كهذه ليس لك سوى الراديو أنيساً ومساعداً على مواجهة العزلة والصمت، وهو الجهاز ( القديم) الذي كنتَ تظن أنه أحيل إلى التقاعد منذُ سنوات بعد النفوذ الكبير الذي أحرزته القنوات الفضائية وثورة الإنترنت، لا لما تقدمه من أخبار وبرامج مصحوبة بالصوت والصورة، والألوان فحسب، وإنما لما تضيفه إليك من معالمَ واقعية، ومن لقاء يكاد يكون مباشراً مع الأماكن والأشخاص لكن في الحالات الاستثنائية لا مناص من أن نعود إلى الراديو مسيّرين لا مخيّرين، وحينئذ فقط نجد أن هذا الجهاز لايزال قادراً على أن يقدم إلينا الكثير، وأن المحطات الإذاعية لم تهزم في المنافسة الجادة مع القنوات الفضائية والإنترنت فقد تزايد عدد الإذاعات، وصار لبعضها الكثير من الجاذبية والتأثير مما نفتقده في وسائل التوصيل الأخرى، وقد باتت عديدة ومتنوعة.
تقول جارتنا: في الأيام القليلة الماضية ، وبنصحيةٍ من الطبيب لزمتُ البيت، واستعدتُ علاقتي بالراديو، وهي علاقة حميمة منذُ زمن _ حد تعبيرها _ حيث تتابع بعض المحطات الإذاعية القريبة إلى نفسها.
فالإذاعة تمنح خيال المستمع مساحة واسعة يمكنه أن يتخيل من خلالها الأماكن والشخصيات، لاسيما التاريخية في صورة أشمل مما تقدمه الشاشة الكبيرة.
إذن هناك تأكيدٌ على أن عدداً من المحطات الإذاعية لم تنجح في الصمود ومواجهة القنوات الفضائية فحسب، وإنما عملت على الارتقاء بمستوياتها، إلى درجة تجعلنا نتخذ قراراً بأن نعطي جانباً من وقتنا يومياً للاستماع لبعض ما تقدمه هذه الإذاعات من برامجَ رفيعة على درجةٍ من التشويق، وهذه الإشارة تستدعي التنويه بالجهود من قِبل القائمين على هذه الإذاعات التي نجحت في الحفاظ على مستمعيها.
بعد كل ما قيل من أن زمن الراديو مضى وانقضى، وهذا الواقع يؤكد مصداقية الأقوال التي تذهب إلى أن الصحيفة من تقلل من أهمية الكتاب، وأن الشاشة لم ولن تقلل من أهمية الراديو.