مقالات وآراء

حفيدات راجح لبوزة.. نساء الجنوب في مسيرة الاستقلال الثاني

كتب: أ. أندى الصلاحي

في كل عام، حين يطلّ الثلاثون من نوفمبر، يعود الجنوب بالزمان إلى عام 1967م ليحكي قصته من جديد. قصة شعب قال كلمته في وجه المحتل البريطاني، وخرج من وصايته رافع الرأس، لا ينكسر. كانت تلك اللحظة المجيدة من تاريخنا، لحظة الاستقلال الأول، مدوّنة بالتضحيات، وموثّقة بأسماء مناضلين ومناضلات كتبوا التاريخ بدمهم.

في قلب تلك المعركة، كانت المرأة الجنوبية حاضرة، لا من خلف الستار، بل من عمق الجبهات. كانت تسير بخطى ثابتة، تحمل الذخيرة في يد، وتخيط الرايات باليد الأخرى. كانت تداوي الجرحى، وتخفي المناضلين في بيوت آمنة، وتدير العمليات اللوجستية بحنكة لا تقل عن أي قائد عسكري. لم تكن مجرد داعمة، بل كانت صانعة للنصر، تزرع الأمل في كل بيت جنوبي حر.

واليوم، وبعد عقود من ذلك المجد، تقف المرأة الجنوبية بوجه جديد، أكثر صلابة، وفي مقدمة الصفوف. نراها قيادية في الميدان، مفاوضة في الحوار، صوتًا قويًا في الإعلام، وركنًا أساسيًا في المؤسسات الوطنية. تعمل بلا ملل، نحو الاستقلال الثاني، من أجل استعادة الدولة الجنوبية المنشودة، ومن أجل كرامة شعبها وأرضها.

هؤلاء النساء هن حفيدات راجح غالب لبوزة، ذلك القائد الذي أشعل شرارة الثورة الأكتوبرية، وفتح الطريق نحو استقلال نوفمبر المجيد. واليوم، تحمل حفيدات راجح القلم والسلاح، يحملن المشروع الوطني، ويقدن قضية الجنوب بشرف وصدق، كما حملها أجدادهن من قبل.

لم تكن المرأة الجنوبية يومًا ديكورًا أو برواز ، بل كانت دائمًا في قلب الحدث، في عمق القرار، وفي صلب المعادلة الوطنية. ومهما حاول الصغار التقليل من دورها، فإن التاريخ لا ينسى أسماء الشهيدات، ولا يغفل قصص المناضلات، ولا يمكنه تجاهل كيف تصنع حرائر الجنوب اليوم الفرق الحقيقي في مسار الاستقلال والتنمية.

نجدد العهد، مع كل حرّة جنوبية، ألا نفرّط في الأرض، ولا في الكرامة، ولا في الدور العظيم الذي لعبته المرأة، وما زالت تلعبه، فهي سند حقيقي للوطن، وشريك أصيل في طريق الاستقلال الثاني.

أندى الصلاحي

زر الذهاب إلى الأعلى