مقالات وآراء

صناعة الوهم

[su_post field=”post_date”][su_spacer size=”10″]

كتب/
ماجد الطاهري
كاتب جنوبي

هل عشت الوهم؟ أو عايشته؟
هناك مرحلةً من حياة كل شخصٍ منّا لابد وأنه عاش فيها جانباً من الوهم الذي يُفسّر بالتشوه الحسي، وسؤ إدرك الأشيا لعدم رؤيتها على حقيقتها ،والوهم أقرب إلى الظن وعدم فهم الواقع …

وتُعد مخاوف الإنسان ورغباته أهم المسببات الحسية والمعنوية للوقوع في شباك الوهم ، وتكمن خطورته في إسعار حرب بدواخلنا أشد فتكاً بنا من الحروب التي تدور في العالم …

صناعة الوهم وصُنّاعهُ لم يكن وليد اللحظة بل وجد منذ البدايات الأولى للصراعات الإنسانية وحتى اليوم مع أخذ الإعتبار في إختلاف قدرة صانعوه في إمتلاك الأساليب والحيل للتأثير المباشر على الأمم والشعوب والقدرة على إستغفال الناس واستغلال النقص الذي يصيبهم بالقلق ، وليس هنالك أقسى من استغلال حاجة الناس وتطلعاتهم للسعادة والتغيير ببيعهم وهماً والإدعاء أنه طريق خلاصهم المنشود …

صانعو الوهم يستغلون جميع دوافعنا البشرية ورغباتنا الفيسلوجية، فيخترعون لنا بمقابله وهماً فتجدهم يجعلون للخوف وهماً، وللأمان وهماً، وللحرية وهماً، وللدين والانسانية وهماً، حتى أنهم تمكنوا من السيطرة على الشعوب بهذه الطريقة التي لا تكلفهم إلا الثرثرة والكلام ونشر الاكاذيب والاخبار المضللة والمزيفة والكاذبة، وخاصةً مع تطور الإمكانيات المالية والوسائل الإعلامية التي تقرب المسافات وتصل للبعيد احياناً قبل القريب وتجعل من العالم أشبه بقرية واحدة ..

في القرن العشرين لم تعد الدول الإستعمارية الكبرى بحاجة إلى صناعة المزيد من الرصاص لقتل شعوب الدول الضعيفة بشكل مباشر ثم نهب خيراتها و والاستفادة من ثرواتها، نعم لم تعد بحاجة لذلك فقد إبتكرت سلاحاً أقل تكلفةً وأكثر نفعاً وأقوى فتكاً وأمضى سيطرةً بالأمم والشعوب إنه سلاح الوهم الفتاك الذي سيطر على العقول وغير المفاهيم والاخلاق ودخل إلى بيوتنا وتغلغل في أعماقنا

أضرب لكم مثالاً عن بعض من صور واشكال الوهم من زاوية واحدة وهي صناعة الافلام الهوليودية السينمائية التي اجتاحت كل بيت واضحت حديث الكثير من الشباب ، قد يأتي مشهد من فيلم سينمائي تشاهد فيه جنود أمريكيين يقتلون عشرات الناس من الصوماليين مثلاً أو من العراقيين او الأفغان فتلاحظ في المشهد مصاحبة موسيقاء تصويرية مرتفعة وحماسية وستلاحظ في المشهد كيف يتساقط العشرات صرعاء بسلاح الجندي الامريكي وهم يزعقون إما بهمجية أو خوف ، وفجأة يسقط جندي واحد من القوات الامريكية فتنقلب الموسيقاء إلى تراجيديا محزنه وهي توثق آخر لحظات انفاس ذالك الجندي البطل لتجعلك لاشعورياً تحسس بالحزن عليه وكأن نهاية العالم قد حانت، وهكذا استخدمت وسائل الإعلام الهوليودية بعد التكرار والتضليل بحيث اضحى تأثيرها واضح وجلي على المتلقي والمشاهد دون أدنى وعي أو إدراك بمكامن خطورته ، ونستطيع الجزم بأن الاعلام يُعد جريمة القرن العشرين بحق الشعوب والإنسانية …

ونحن اليوم نعاني من هذا التهديد الناتج عن التضليل والتزييف الإعلامي حتى بات الكثير منا غير مدرك لحقيقة ما يدور حوله بسبب أن كل ما حوله مزيف بل ربما اصبح الكثير منا على قناعةٍ بهذا الزيف والوهم بعد إن تحكم بهم صانعوه بتخريبهم للواقع الحقيقي، وبكم هائل من المعلومات المعكوسة..

لقد جعلونا نقتل انفسنا بإنفسنا ولم يتحملو مشقة القتل ، فلا حاجة لهم لإطلاق رصاصة على قلب شخص ليموت، ما دام يمكنهم تغيير معتقداته المناهضة لهم بشكل كلي، ومادام بإستطاعتهم تطويعه وتحويله من عدو إلى حليف يساعدهم في تحقيق اهدافهم وبكل دقةٍ وفاء واخلاص …

الدول الكبرى المتنافسة على السيطرة والنفوذ مدركة جيداً لهذا السلاح الخطير لذالك هي تواجهه بسلاح الوعي ولا شي غير الوعي والعلم فاصبحت شعوبهم مدركة جيداً لكل مايدور حولها فلا تتطلي عليهم خطط اعدائهم وزيفهم و تضليلهم ….

زر الذهاب إلى الأعلى