
كتبت لصحيفة سمانيوز ثلاثة مقالات تدور حول استحضار التاريخ وأهمية تراكم الخبرات بهدف الاستفادة من دروسه وعبره وخبراته لمعالجة قضايا الحاضر وصناعة مستقبل مزدهر .
تسلمت كثيراً من الملاحظات من إخوة أعزاء من أهمها كيف لنا أن نستفيد من تلك الدروس والعبر والخبرات في معالجة اوضاعنا الراهنة وصناعة المستقبل .
الموضوع كبير وبحاجة إلى عقد ندوات علمية تقدم فيها أبحاث ودراسات من علمائنا في جامعة عدن والجامعات الأخرى ومراكز البحوث والدراسات وباحثين مستقلين تتوخى الموضوعية هادفة تعميق التصالح والتسامح والسير الحثيث تجاه المستقبل الآمن والمزدهر ، لا نبش القبور ونكئ الجراح .
استقطعت عنوان المقالة هذه من تغريدة للأستاذ حيدرة الجحما يقول فيها (يتحدث البعض عن الماضي وعن الأخطاء التي حصلت خلال عقود مضت والبعض يذهب للمطالبة بمحاكمة بعض القيادات . إذا ما أردنا محاكمة الماضي علينا صناعة المستقبل وإيجاد نموذجاً أفضل من ذلك الماضي وهذا كفيل بمحاكمة الماضي دون قاضي ودون محكمة ودون شهود .
حيدرة الجحما).
لقد قال حكمة ورأياً صائباً آخذاً بالإعتبار الحكمة القائلة (لكل زمن دولة ورجال).
أي أن لكل مرحلة من مراحل جيل واجيال متعايشة في وقت واحد مهامها وبالتالي رجالها.
ويأتي استحضار التاريخ لا لكي تُنبش أخطائه وتلعن رجالاته وأجياله.
أو يكتفى بالتغني بأمجاده وتمجيد صُنَّاعه، فقط للعن أو التمجيد فحسب، فذلك ليس هو الخطأ بعينه، بل الكوارث والنوازل بكلها وكليلها واللعنات بعينها على أجيال المراحل اللاحقة المؤدية بها في أحسن الأحوال إلى التخلف عن ركب تقدم الأمم التي تقدمت بحكم استفادتها القصوى من عبر ودروس التاريخ وتراكم الخبرات، إذ لم تأت على سبيل المثال وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن أن تعتبرها أجيال مضت إذا بُعِثت إلا من قبيل السحر وهي الآتية من إبداعات عَبَرت على جسور التاريخ وتراكم الخبرات.
لا شك ستبرز أمام الباحثين أسئلة عدة في حال وقوفهم أمام سلبيات الماضي مثل ماهي الدروس والعبر السلبية التي يمكن الاستفادة منها ؟
بشكل عام لخصها الأستاذ حيدرة بتغريدته أعلاه وأجاب عليها مشروع التسامح والتصالح، كي لا نكررها أولاً وثانيا كي لا تظل مشروع عملنا ما يجعلنا مربوطين في سلاسل الماضي والأمم تتقدم وبمجرد التوقف عندها كعمل نتخلف عن ركب التقدم الإنساني وينطبق علينا قول الشاعر
يا أمة ضحكتك من جهلها الأمم ).
ألاَ نعتقد في حالتنا الراهنة أننا في محط سخرية الأمم وشفقتها المهينة في أحسن الأحوال من جيران وأقارب وأباعد ؟؟!! وهل نبش السلبي منه فقط تتحمل أوزاره تلك الأجيال التي خاضت فيه أم أنه يظل بُقَع سوداء في سجل تاريخ البلاد بكل أجيالها القادمة ما دامت عجلة الحياة، وماذا يمحيه من جبين التاريخ بلونه الأسود ؟
ستبرز أسئلة أخرى ليس أمام الباحثين فحسب بل وأمام كل حي في هذه البلاد العزيزة، مثل كيف يمكن لنا أن نستفيد من الإيجابي من تاريخ مرحلة مضت وخبراتها ؟؟.
تراكم الخبرات شرط لتقدم الأمم كما ورد في المثال أعلاه كونها ليس ملكاً للماضي بل وللحاضر والمستقبل ومثلها دروس وعبر ذلك الماضي في جانبه الإيجابي.
فالغضب من السلبيات يجب ألَّا يعمينا عن الإيجابيات ونخسرها، كعقوبة تكفر عن تلك السلبيات، فلن تكفر عنها بل تجعلنا كفاراً خاسرين وتركها لا يقل أثراً عن سوء نبش السلبيات.
فمن لا يستفيد من تجارب الآخرين يعتبر غبياً في ثقافة الشعوب التي أخذت بزمام التقدم وتعتبر من لا يستفيد من تجاربه وخبراته فاقداً للعقل (مجنون بصريح العبارة).
تجاربنا في مرحلة قصيرة على ما شابها من سلبيات فيها الكثير والكثير من الإيجابيات في مختلف الجوانب من تجربة توحيد الإمارات والسلطنات والمشيخات العديدة، بناء دولة ترسخ فيها الأمن، تجربة التعليم ومحو الأمية، الخدمات الصحية.
أيضاً في الجانب الاقتصادي صناعي، زراعي، ثروة سمكية إلخ إذا ما قورن بقرون مضت، بناء جيش قوي.
إن الأخذ بتلك الإيجابيات والاستفادة منها كما هو حال نبذ السلبيات بعدم تكرارها وصناعة مستقبل أفضل هو ما يكفر عن السلبيات وبمحوا أثرها بنفس الوقت من سجل التاريخ كبقع سوداء .
أدعو المتخصصين للكتابة عن تلك الإيجابيات في مجالاتهم وأيضاً مقارنتها بتجارب ناجحة لبلدان أخرى.
أعدكم بأني بالإتفاق مع رفاق من الضباط العسكريين سنحاول تقديم إضاءة عن تجربة البناء العسكري لدولة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في المرحلة 62–1990 ثم مرحلة 1990ــ 2015 .
نرى تركيز كبير على المرحلة الأولى 62–1967م ونسيان مرحلة أطول زمناً منها الأولى 23 سنة والثانية أكثر من ثلاثين عاماً جرت فيها أحداث غيرت مجرى التاريخ وفرَّعته و…و…. الخ هذه المرحلة كان لها رجالها بمختلف تقلباتها ودُفِعت فيها أثمان كبيرة . هي كماهي الأولى تعتبر ملكنا وملك الأجيال القادمة يجب أولاً أخذها بالإعتبار كما قال الأستاذ سعيد صالح أبو حربة، فلا يمكن شطبها من أعمار الناس والبلاد بما لها وما عليها ببحثها للإستفادة من دروسها وخبراتها بحلوها إن وجد ومرها الطاغي .
كل ذلك من أجل صناعة حوار ناجح جنوبي ثم جنوبي شمالي كواحدة من القضايا الهامة والملحة خدمة للمستقبل.
من أجل ذلك أرى من الضرورة الوقوف بجدية وحيادية أمام ثلاث مراحل تاريخية :
1.. من الاحتلال وحتى الاستقلال 1819–1967م .
2..من الاستقلال وحتى الوحدة 1962–1990م
3..مرحلة الوحدة وحتى آخر غزوة « مستمرة » 1990–2021
تحليل كل مرحلة بما لها وما عليها ، وضعها في الثلاجة، استدعاء ما يفيد الحاضر والمستقبل من دروسها وعبرها وخبراتها بتحكيم العقل كوقود للحركة إلى الأمام لا للعودة إلى الوراء فنحن في ذيل ذيل الأمم فإلى أين إلى أين إلى أين ؟؟؟!!!