مقالات وآراء

الاستحقاق الوطني والشعبي الجنوبي، وغياب التعاطي الدولي الإيجابي معه.

كتب:عبدالحكيم الدهشلي

التغييب المتعمد للاستحقاق الوطني والشعبي الجنوبي المتمثل بالاعتراف الدولي بالدولة الجنوبية بحدودها المتعارف عليها ما قبل ٢٢ مايو ٩٠م، من قِبل جميع الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية، رغم عدالتها.
أنتج هذا الواقع، والأوضاع التي نعيشها اليوم،والتي تعد كتحصيل حاصل لتنامي الخلافات والتعقيدات، ومن ثم الصراعات بين الأطراف اليمنية نفسها، الذي يتمحور  ومحصور على تقاسم الجنوب وعائدات ثرواته وايرادات موارده فقط، وهو ما تؤكده سلسلة الأحداث التالية :
_كان لاشتعال الثورة الجنوبية بمرحلتها السلمية، الأثر ببروز اول خلافاتها، حيث رأت منها الأحزاب والتنظيمات اليمنية التي كانت خارج السلطة آنذاك ،الفرصة  لاستغلالها وتوظيفها للضغط على الحزب الحاكم للحصول على نصيبها من الجنوب وثرواته وموارده، بعد أن استحوذ عليها، ومنح جزء منها لعدد من القادة العسكريين ومشائخ القبائل،الموالين له كمكافأة لهم باجتباح الجنوب، في الوقت الذي فيه جميع الأحزاب والتنظيمات اليمنية شاركت  بذلك الاجتياح العسكري، والاحتلال لأرض الجنوب في صيف ٩٤م.
_حل تلك الخلافات التي تطورت إلى مواجهات عسكرية إبان ثورة الشباب عام ٢٠١١،خلال ساعات فقط بعد نشوبها.
_ تسليم محافظات الشمال للحوثي بدون مواجهة في ٢٠١٤ رغم امتلاكهم لتسليح دولتي الجنوب والشمال، ووجود العديد من المعسكرات في كل محافظة من محافظاتهم المتسلحة بمختلف أنواع التسليح، إضافة إلى ما تمتلكه جميع القبائل من الأسلحة المتنوعة القادرة على مواجهة قوات الحوثي حينها لوحدها،
_ تأكيد جميع الأطراف اليمنية حرصها الدائم على عدم نقل الحرب الى مناطق الشمال، وخوض المعارك داخل مدنه، واهمها صنعاء،بحيث لا يعني لهم بأن التباينات والخلافات، الحاصلة بينهم، تصل إلى تدمير وطنهم، وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
_اجماعهم على إبقاء الجنوب تحت هيمنتهم وتحت أي طرف منهم حالياً، وترحيل خلافاتهم عليه ، بعد أن صارت الحرب خارج  سيطرتهم، وتحكمهم نتيجة المتغيرات التي افرزها واقع الحرب، وظهور اطراف أخرى، خشية من ضياع الجنوب منهم في حال وقفوا ضد بعضهم.
_وضوح أهداف الأطراف الخارجية الداعمة لهم التي تتركز أيضاً على ثروات ومواقع الجنوبية الاستراتيجية.
ولهذا أرى بأنه بات من الضروري على المجتمع الدولي والإقليمي،استيعاب جوهر هذا الصراع وأهدافه، والتعامل معه، بحزم وجدّية لمعالجته، والتي تحتصر بحل القضية الوطنية الجنوبية العادلة، الحل العادل، وفق القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية، التي تقر بعدالتها وشرعيتها، بمنح شعب الجنوب حقه العادل والشرعي، المتمثل بالاعتراف بدولته الجنوبية، لإنهاء الصراع الدائر بين هذه الأطراف ووقف تدخلات الدول الإقليمية،باعتباره جوهر الصراع ، وليس هناك شيء آخر غيره، إذا ما كانوا صادقين وحريصين، لاختصار الطريق، ووضع حد لهذه الحرب ، لحقن الدماء، ورفع المعاناة عن كاهل الشعبين،لاسيما بعد أن تجاوزت السبع سنوات، وحصدت مئات الآلاف من الأرواح ، ووصلت معاناة الشعبين إلى أقصاها.
وهذا الحل هو ما كان يراهن عليه شعب الجنوب، بأنه سيحضى بالقبول، والتأييد المطلق
والتعاطي الإيجابي معه من قبل المجتمعين الدولي، والإقليمي في السنوات الأولى من مرحلة نضاله السلمية، والذي اتخذه كخيار استراتيجي راقي آنذاك نتيجة إيمانه المطلق بعدالة وشرعية قضيته الوطنية، المستندة إلى الفقرات والمواد القانونية، الواردة في القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية،المتعلقة بمثل هذا الشأن.
حتى يتخذ منه المجتمع الدولي نموذج راقي،وعامل محفز لشعوب العالم للتعامل به في حل خلافاتهم وصراعاتهم بشكل عام، والمماثلة لقضيتنا الوطنية بشكل خاص،باعتباره خيار بديل للخيار العسكري الدموي الذي تبغضه البشرية في جميع أنحاء المعمورة ، ولكن رغم ذلك، ورغم ما قام به نظام الاحتلال اليمني من ممارسات وجرائم عدوانية بحق شعب الجنوب، والتي جلها ترتقي إلى مصاف جرائم الحرب ضد الإنسانية، لم يتم التعاطي معه للأسف، إلا بالسلبية،وظل العالم في موقف المتفرج، حتى فُرضت على الجنوب وشعبه الحرب الثانية في الربع الأول من ٢٠١٥م،لتجديد احتلاله من طرف يمني آخر، لنفس الهدف،ونقل الصراع إلى الجنوب،على حساب شعبه الذي اتخذوا من أبنائه وقوداً لهذه الحرب، ومن أرضه مسرحاً لها، من جهة،وعلى حساب الشعبين شمالاً وجنوباً، من جهة أخرى، بعد أن توسعت الحرب واصبحت خارج سيطرة الأطراف اليمنية ،واصبح الشعبين هما الضحية لهذا الصراع، الذي آن الأوان له بأن ينتهي، ويُحسم، بالعدل والقانون، لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي، حتى يتنفس الشعبين الصُعداء،ويعم الخير والسلام على البلدين والشعبين بشكل خاص،وبلدان وشعوب المنطقة بشكل عام .
فهل يعملها المجتمع الدولي، وبمساعدة الأشقاء في التحالف من خلال توضيح له الحقائق،والضغط عليه لتعجيل الاعتراف بدولة الجنوب، لحسم الصراع وإنهاء هذه الحرب التي آكلت الأخضر واليابس .. لنرى؟؟!!.
عبدالحكيم الدهشلي
21 يناير 2022م

زر الذهاب إلى الأعلى