آداب وفنون

رسالة لم ترسل.

خاطرة : عيشة صالح

لم أستعد، وما كنت يوماً لأستعد لرحيلك، رغم أني موقنة أن الموت حق ولا بد منه، إلا أنني لا أتخيل أن الموت قريب جداً لدرجة أنه يمسك ياأمي.

حين رحلت يا أمي، شعرت كأن الزمن توقّف، وبدأ بالدوران باتجاه آخر، أحسست أن لا شيء  يهم، وأن الجميع خيالات، وأنك كنت الحقيقة الوحيدة؛ كل شيء معك كان حقيقياً، خوفك عليّ حقيقياً، وفرحك حقيقياً، وحزنك حقيقياً، حتى غضبك مني كان من أجلي.

منذ رحلت لم يعد هناك من يأبه لتفقد نبرات صوتي وملامح وجهي ليطمئن أني بخير، وأصبحت لحظات الفرح باهته ينتابها الشك في صدق مشاعر من حولي.

حين رحلت تذكرت كلاماً كثيراً كنت أريد أن أقوله لك وسرقتني الأيام ولم أقله، كنت أريد أن أقول لك أنني تمنيت أن آخذك بعيداً إلى السعادة والفرح، وأمحو الأحزان عنك، وأرفع عنك كل المعاناة، وأني أعلم بمعاناتك وصبرك،  وأعلم أنك تخبئين الأشياء الجميلة لحين مجيئي.

تمنيت أني لم أصدقك عندما قلت لي : ‘لا شيء يؤلمني.’

كنت أريد أن أطلب منك أن تسامحيني، لأني مرات عديدة لم آخذ بالي من نفسي كما تريدين. ما زلت أتذكر كلماتك الأخيرة ونظراتك الملأى بالحب واليأس معاً.

بعد رحيلك، بدا العالم موحشاً، والأيام ثقال، وأدركت أني تقدمت بالعمر كثيراً، كثيراً يا أمي، رحمة الله تغشاك.

زر الذهاب إلى الأعلى