آداب وفنون

التنانين الشريرة!.

قصة وتأليف: عيشة صالح محمد

في غابة السناجب الجميلة، تعيش مجموعة من السناجب الوديعة، حياة هادئة مستقرة، وحول غابتهم توجد غابات يعيش فيها حيوانات أخرى، لم تكن تؤرقهم سوى مشكلة واحدة،  تعاني منها غابة السناجب والغابات الأخرى، وهي التنانين الشريرة التي تجوب الغابات، وتنشر الشر، كانت تنفث نيرانا من فمها؛ فتتسبب بحرائق كبيرة في الغابات، وكان الجميع يكرهونها، ويطردونها من غاباتهم؛ بسبب أفعالها الشريرة.

وفي يوم من الأيام استدعى زعيم غابة الغوريلات زعيم التنانين، وقال له:

“اسمع يا زعيم التنانين، إن ما تفعلونه يضايقنا”

نفث زعيم التنانين نارا من فمه في الهواء، ثم قال:

“هذه هي حياتنا، فنحن تنانين، متعتنا في إشعال النيران في كل مكان”

صاح زعيم الغوريلات:

“توقف عما تفعله، وإياك أن تنفث النار أمامي”

“حسنا … حسنا، أعتذر يا صديقي الغوريلا” قالها زعيم التنانين.

بعدها أكمل زعيم الغوريلات حديثه قائلا:

“لم أطلب حضورك لتريني النار وهي تخرج من فمك، ولكن لسبب مهم، وهو أنني وجدت لكم حلا بدلا عن التسكع في الغابات”

اندهش زعيم التنين، وكادت النار أن تنطلق من فمه، وهذا ما يحدث عندما تنفعل التنانين فرحا أو غضبا، فكتمها بيده، وقال:

“حقا؟ وما هو الحل؟”

رد زعيم الغوريلات:

“نعطيكم غابة السناجب، تتجمعون فيها وتصبح لكم وطنا”

قفز التنين الضخم من الفرحة، وقال:

“وماذا عن السناجب؟ إنهم يملؤون الغابة، لن يوافقوا على ذلك”

رد زعيم الغوريلات:

“لا تقلق، ومن قال لك إننا سنستأذنهم، سنخبرهم بقرارنا فقط، وبعدها تدخلون الغابة وتستقرون هناك”.

بعد ذلك أرسل زعيم الغوريلات غوريلا إلى غابة السناجب، ليخبرهم بالأمر، وعندما وصل الغوريلا الغابة أخبر السناجب بأن التنانين ستعيش إلى الأبد في غابتهم، وأن الغابة أصبحت من اليوم غابة التنانين، وعليهم ألا يعترضوا على ذلك، وبإمكان السناجب أن تعيش في طرف الغابة دون الاعتراض على التنانين، ليضمنوا عدم تعرضهم لشرها.

صدمت السناجب مما سمعته، وصاحوا جميعا: “هذه غابتنا، وليست غابة التنانين، لن نقبل استيلاء التنانين على غابتنا” وفجأة وهم يصرخون رأوا التنانين قادمة من بعيد، واقتربت وهي تنفث النيران من أفواهها، وغادر الغوريلا تاركا السناجب تلقى مصيرها، وانتشرت التنانين في كل أرجاء الغابة، وطردت السناجب الوديعة إلى طرف الغابة، وفي وقت قصير تجمعت التنانين من كل مكان، وأصبحت الغابة مليئة بالتنانين.

أصبحت السناجب حزينة وبائسة، وكلما حاولوا مواجهة التنانين، تقوم التنانين الشريرة بنفث النيران  فوقهم وإحراقهم، وإحراق أشجارهم، فيتراجعون إلى طرف الغابة. فكر السناجب بالاستنجاد بجيرانهم من الغابات التي حولهم، فأرسلوا سنجابا يطوف الغابات يطلب المساعدة، فذهب يقول للجميع: “ساعدونا، انقذونا من التنانين الشريرة” وعاد بعد جولته حزينا وحيدا، لم يأت معه أحد لنجدتهم، كانت الأرانب خائفة، لا تجرؤ على مواجهة التنانين، أما الكناغر كانت تمرح في غابتها ولا تهتم بما يحدث في بقية الغابات، بل إنه سرها انشغال التنانين عنها.

وفي أحد الأيام ذهب زعيم التنانين إلى زعيم الغوريلات، قال له:

“لقد أزعجونا هؤلاء السناجب، إنهم لا يستسلمون، أحرقنا الكثير منهم وشردنا الكثير، وما زالوا يصرون على العودة إلى غابتهم”

رد عليه زعيم الغوريلات:

“لا تقلق يا صديقي، سوف نشكوهم إلى الأفعى الضخمة حارسة الغابات، لتلتهمهم جميعا إن لم يهدؤوا، عد إلى الغابة مطمئنا، وانتظرها”

فرح التنين بما سمعه ونفث نارا في الهواء من سعادته، وعاد إلى غابة السناجب، وقد زاد غروره، وأخذت التنانين تركض خلف السناجب الثائرة،  وتنفث النيران من أفواهها في كل اتجاه، فتراجعت السناجب مجددا إلى طرف الغابة، بعد أن أنهكها التعب والجروح، وقد فقدت كثيرا من السناجب وهي تحاول التصدي للتنانين الشريرة، وفقدت كثيرا من الأشجار المثمرة التي كانت تأكل منها، وتتسلق أغصانها وتنام بين فراغاتها.

في اليوم التالي والسناجب مجتمعة، أقبل عليهم سنجاب يجري، ويصيح بأعلى صوته: “أيها السناجب، أيها السناجب، الخطر يحدق بنا، إن الأفعى الضخمة حارسة الغابات، تحوم حول غابتنا، تستعد لالتهامنا؛ لتصبح الغابة كلها للتنانين الشريرة، صاح زعيم السناجب بحزم وقوة: “لن تخيفنا الأفعى الضخمة، ولا التنانين الشريرة، وسنستمر ندافع عن غابتنا، وحتما سيلحق بنا أصدقاؤنا من الغابات المجاورة، ولن تكون غابتنا أبدا غابة للتنانين، نحن أصحاب الغابة، وسنبقى فيها، هل أنتم معي؟”

صاح جميع السناجب بصوت واحد: “تحيا غابة السناجب، تحيا غابة السناجب”

زر الذهاب إلى الأعلى