من غطى الشمس؟

قصة: عيشة صالح محمد
في بلدة نائية، بعيدة عن ضوضاء المدينة، عاش فتى صغير يدعى رامي. كان رامي بائع حلوى متجول، يدفع عربة خشبية مليئة بألذ أنواع الحلوى، يجوب شوارع البلدة وأزقتها، ينادي بصوته العذب: “حلوى حلوة، طازجة وشهية!”.
كل يوم يتجول رامي تحت أشعة الشمس الحارقة، يتصبب عرقاً من شدة الحر، ويتمنى لو أن الشمس تختفي لبعض الوقت.
في يوم من الأيام، بينما كان رامي يمر بسوق البلدة، لفت انتباهه متجر غريب لم يره من قبل. كان المتجر مليئاً بأشياء غريبة لم ير مثلها قط، وفوق الباب لافتة ضخمة مكتوب عليها: “متجر الأمنيات”.
دخل رامي المتجر متردداً، فقابله بائع عجوز ذو لحية بيضاء. سأله رامي: “ماذا تبيع هنا يا عم؟”. أجاب البائع: “أبيع الأمنيات، أي أمنية تتخيلها، أستطيع تحقيقها لك!”.
لم يصدق رامي ما سمعه، لكن فكرة شراء أمنية لتغطية الشمس وجعْلها تختفي لفترة من الزمن راودته. فاشترى من البائع أمنية، وتمنى أن تختفي الشمس. دُهش بائع الأمنيات من أمنية رامي وقال له “هذه أمنية غريبة، لم يسبق أن طلبها أحدهم، فلتتمنى غيرها” لكن رامي تذكر الحر وتصبُب العرق، فأصر على أمنيته، وما كان من بائع الأمنيات إلا قبول طلبه، وفجأة تجمعت الغيوم واختفت الشمس، وأصبح الظلام دامساً، وشعر رامي بالبرد القارس، بعد أن كان الجو دافئا.
في اليوم التالي، استيقظ رامي على برودة شديدة، ونظر من نافذته فوجد الثلج قد غطى البلدة. لم يخرج الناس من بيوتهم، وتوقفت الحياة في البلدة لعدة أيام، شعروا خلالها بالخمول والكسل، عندها أدرك رامي خطأه، فالشمس ضرورية للحياة.
عاد رامي مسرعاً إلى متجر الأمنيات، وطلب من البائع أن يعيد الشمس من جديد. وافق البائع، وتمنى أن تنقشع الغيوم فانقشعت، وعادت الشمس تشرق في السماء، وازداد دفئها.
قال رامي لبائع الأمنيات قبل مغادرة المتجر “لقد أدركت أن كل شيء في الحياة له فائدته، وأن علينا أن نقدر ما لدينا ونحافظ عليه، ثم واصل تجواله في شوارع البلدة، وعاد ينادي بصوته العذب: “حلوى حلوة، طازجة وشهية!”، سعيداً بدفء الشمس، وشاكرًا الله على نعمه.