آداب وفنون

ليلة مرعبة.

تأليف: الطفل إبراهيم وضاح عمر

سامي ولد شقي ولا يستمع لنصائح والدته، ويسهر في الليل ولا يهتم بدروسه، وكان يغيب أغلب الوقت عن المدرسة، ويحب دائماً مشاهدة التلفاز. وفي ليلة من ليالي الشتاء القارصة استيقظ من نومه وهو يشعر بالجوع، وكانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، فذهب إلى المطبخ لعله يجد بعض الطعام يسد به صوت معدته الخاوية، فوجد بعض السندويتشات وأكل إلى أن شبع، وهو ذاهب إلى غرفة نومه عرج قليلاً إلى غرفة والدته، ليراها ولكنه فوجئ بعدم وجودها وذلك جعله في حيرة من أمره، وكان يتساءل أين ذهبت ماما في هذا الوقت المتأخر من الليل؟! ثم بدأ يفتش عنها في كل أرجاء المنزل لكن دون جدوى.
وفي لحظة صمت رهيبة انفتح باب المنزل على مصراعيه ليظهر رجل طويل القامة ضخم الجسم وأنيابه كبيرة وشعره أجعد، كان شكله مخيف جداً وكأنه شبح، بل هو شبح نفسه، وكان يحمل سكيناً وتسقط منه قطرات كثيرة من الدم وكأنها شلال أحمر.
وفي تلك اللحظات صاح سامي من الخوف وولى هارباً منه صارخاً وهو يبكي ويصيح: ماما ماما ماما، أين أنتِ؟ أرجوك تعالي انقذيني لن أزعجك ثانية، سأكون ولداً مطيعاً، ماما.. ولكن والدته لم ترد عليه، والشبح يمشي وراء سامي ممسكاً بالسكين.. فجأة هرب سامي من بين أرجل الشبح هارباً لحديقة المنزل الخلفية، ووجد والدته معلقة في إحدى الاشجار وهي بلا حراك جثة هامدة وجسدها مملوء بالدماء، ليلتف وراءه ويجد الشبح يغرس السكين في قلبه ليسقط أخيراً سامي على الأرض والدماء تخرج منه كالنافورة الحمراء، ويسمع ضحكات الشبح بقوة ويشعر بأنفاسه وكأنها تتقطع وتختفي ببطء، ويرى منزله بألوان رمادية وكأنه يودع منزله، بل والعالم بأسره، ولا يجد من يساعده في هذا الموقف المرعب..
لكن المفاجأة غير المتوقعة في هذه القصة هي وقوعه من على السرير ليجد نفسه ما زال على قيد الحياة، ويبحث عن السكين والشبح اللذين كانا من كوابيس أحلامه المزعجة فلا يجدهما، وعندما تأكد أن ذلك مجرد حلم هرع مسرعاً إلى والدته ليجدها نائمة في سريرها بخير.. هنالك حمد سامي ربه وقبّل والدته في جبينها وذهب ليكمل ما تبقى من نومه..
وفي الصباح استيقظ باكراً وجهّز أغراضه المدرسية وجاءت والدته لتوقظه لكنها تفاجأت بما رأته وتعجبت، فهو في الغالب يرفض النهوض باكراً ويذهب للمدرسة متأخراً، ودائماً ما يشتكي منه أساتذته من إهماله لدروسه. قال سامي: ماما لا تعجبي من استيقاظي مبكراً فأنا قد ولدت اليوم من جديد، وسوف أكون ولداً مطيعاً لكِ، وأسمع وأجيب كل ما تأمرين به.. وعانق سامي والدته بحرارة طالباً منها مسامحته على عصيانه لها في السابق. ابتسمت والدته لذلك ودعت له بالتوفيق في حياته، ووعدها بعدم مشاهدة الأفلام المرعبة في التلفاز مرة أخرى، وقص عليها ما حدث له بالأمس. وبعد الإفطار ذهب سامي للمدرسة وكأنه طالب جديد مفعم بالنشاط والحيوية.

زر الذهاب إلى الأعلى