البلّورات اللطيفة
قصة تأليف/ عيشة صالح محمد
في زاوية من زوايا الكون، حيث يمتد الفضاء البراق بمجرّاته اللامتناهية، كانت تعيش كائنات غريبة تدعى “البلورات المتلألئة”. هذه البلورات لم تكن كبقية الكائنات، فهي لا تتحرك بأقدام أو تطير بأجنحة، بل كانت تسبح في الهواء بترددات ضوئية تجعلها تومض بألوان مختلفة حسب مشاعرها.
كانت هناك بلورة صغيرة تُدعى “نور”، تتألق بوميض زهري باهت. كانت نور تحلم دائمًا بأن تترك أثرًا كبيرًا في عالم البلورات، لكنها شعرت أنها صغيرة جدًا ولا يمكنها فعل شيء مهم.
في أحد الأيام، حدثت كارثة في الكون، سديم قريب انفجر، وانتشرت شظاياه في الفضاء، مهددة بلورات أخرى كانت تعيش في مجرة قريبة. أصبحت البلورات بحاجة إلى مساعدة لتنظيف الفضاء وحمايتها من الاصطدام بالشظايا.
اجتمعت البلورات المتلألئة لمناقشة ما يمكن فعله. البلورات الكبيرة، مثل “وهّاج” الذي يتألق بوميض ذهبي قوي، قالت: “نحن البلورات الأكبر سنتولى المهمة، فالقوة مطلوبة لهذه المهمة الخطرة.”
لكن نور لم تكن مقتنعة، تقدمت بخجل وقالت:
“رغم صغري، أعتقد أن بإمكاني المساعدة. ربما هناك أشياء بسيطة يمكنني القيام بها”.
ابتسمت البلورة الحكيمة “ضياء” وقالت:
“كل بلورة منا لها دور، صغيرًا كان أو كبيرًا. العمل الخيري والتطوعي لا يعتمد على الحجم، بل على النية”.
بدأت البلورات بالعمل معًا. نور، رغم صغرها، وجدت أنها تستطيع التسلل إلى الأماكن الضيقة لجمع شظايا السديم الصغيرة، بينما كانت البلورات الأكبر تدفع الشظايا الكبيرة بعيدًا.
في أثناء العمل، لاحظت نور بلورة صغيرة أخرى تُدعى “وميض”، كانت عالقة بين الشظايا. أسرعت نور لإنقاذها باستخدام تردداتها الضوئية لتُضيء طريق الهروب. عندما عادت مع وميض إلى الأمان، تألقت بأقوى ضوء زهري شاهدته البلورات من قبل.
بعد انتهاء المهمة، اجتمعت البلورات لتحتفل بنجاحها. قال وهّاج:
“تعلمت اليوم درسًا مهمًا. العمل الخيري يحتاج إلى الجميع، مهما كانوا صغارًا أو كبارًا”.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت نور رمزًا بين البلورات لكل من يريد أن يساعد، حيث علّمتهم أن حب العمل الخيري ليس مجرد كلمة، بل فعل ينبع من القلب، مهما كان صغيرًا.
وهكذا استمرت البلورات في التعاون، مضيئة الكون ليس فقط بألوانها، بل بروحها المتعاونة.