لم أعرف

قصة: عمر محمد العمودي
لم أكن أعرف “كاليغولا” قبل أن أسمع اسمه في حوار عابر أثناء مشاهدتي لمسلسل..
بدافع الفضول، بحثت عنه، ولم أتوقع أن أجد نفسي أمام أحد أفظع الطغاة وأكثرهم قسوة في التاريخ..
ولأنني لا أستهوي التعمق في حياة الطغاة، اكتفيت بالقليل عنه وتجاهلته.
لكن الخوارزميات أعادتني إليه عبر مقاطع متفرقة عن مسرحية “كاليغولا” لألبير كامو بعد تمثيلها ببطولة نور الشريف. انهمكت فيما بعد بقراءة ذلك العمل الأدبي العظيم الذي سبر أغوار شخصية مضطربة ومعقدة.
ما أثار فضولي أكثر لم يكن حياته، بل نهايته. فليس هناك ما يثير الاهتمام عند الحديث عن الطغاة أكثر من الطريقة التي يسقطون بها
وجدت روايات عديدة تصف موته، لكنها تتفق جميعًا على طريقة واحدة: طعنات متكررة من حاشيته الذين سئموا ظلمه..
إحدى الروايات تقول أنه أحضر يومًا حصانه، الذي نصبه في مجلس الشيوخ، وأمر بتقديم وجبة “التبن” لكل من في المجلس ليأكلوا ما يأكله الحصان.. فنهض أحدهم صارخًا: “استردوا شرفكم المهان!” لتتحول اللحظة إلى انتفاضة جماعية ضده، شارك فيها حتى حراسه، ليُقتل كاليغولا وحصانه معًا..
ما ذنب الحصان؟ لا أدري. لكني أفهم الغضب الذي يلتهم كل شيء في طريقه، لا سيما إن كان يتعلق بطاغية.
ما آلمني في حكاية كاليغولا لم يكن فظاعته، بل ما تمنيت أن أجده في طغيان كهذا: ظالم واحد، عدوّ واضح.. وإن كان دكتاتورًا.. فالطغيان لا يدوم، والطغاة لا يُعمّرون. وكاليغولا نفسه حكم روما أربع سنوات فقط.
لكن حتى هذه “الرفاهية” لم نجدها! أفواهنا مليئة بالتبن، والطغاة في بلدي جميعهم أحصنة، يمكن استبدالهم بسهولة.. ممن يمتطونهم.