آداب وفنون

حين تخلى الديك عن عمله

قصة تأليف: عيشة صالح محمد

في مزرعة صغيرة مليئة بالمزروعات والحيوانات، عاش ديك مشاغب ومميز بصياحه العالي الذي يوقظ الفلاحين كل صباح، ليبدأوا يومهم بنشاط. كان الديك يعتلي سور الحظيرة مع أول خيوط الشمس ويصيح بصوت قوي: “هيااا استيقظوا يا فلاحين!”..

وبمرور الأيام، شعر الديك بالتعب والملل، قال لنفسه:
“لماذا يجب أن أكون أنا من يوقظهم كل يوم؟ لماذا لا أنام مثل بقية الحيوانات؟”.

فكر وفكر حتى قرر أن يشكو أمره لصديقه الحمار المعروف بحكمته، ذهب إليه قائلاً:
“يا صديقي الحمار، لقد تعبت من صياحي اليومي، أريد أن أرتاح وأنام طويلاً، هل لديك حل لمشكلتي؟”.
ابتسم الحمار بلطف وقال:
“لا تقلق، لدي فكرة رائعة!”..
نظر الديك إلى الحمار بعينين متسائلتين وسأله:
“وما هي فكرتك؟”
قال الحمار بحماس:
“سجّل صوتك على جهاز تسجيل! وأنا سأشغل التسجيل كل صباح بدلاً منك، وهكذا يمكنك النوم حتى الظهر!”.
أعجب الديك بالفكرة وقرر تنفيذها. في اليوم التالي، قام الحمار بتشغيل التسجيل، وسمع الفلاحون صوت صياح الديك كالمعتاد، فنهضوا للعمل دون أن يشكّوا في شيء، بينما استمتع الديك بنومه الطويل.

لكن الأمور لم تبقَ هكذا، لاحظ صاحب المزرعة أن الديك لم يصعد على السور كما اعتاد، فذهب إلى الحمار وسأله:
“أين الديك؟ لم أره اليوم!”..
أجاب الحمار بصدق:
“إنه نائم، وأنا قد شغلت تسجيلاً بصوت الديك بدلاً عنه”..
غضب صاحب المزرعة وقال:
“إذا كان الديك لا يعمل، فما فائدته؟ سنذبحه غداً ونطبخه للغداء!”..
ارتبك الحمار وخاف على صديقه، فأسرع إلى الديك وأخبره بما قاله صاحب المزرعة، نهض الديك مذعوراً وصاح:
“يجب أن أفعل شيئاً فوراً!”..
قفز الديك بسرعة إلى جهاز التسجيل وحطمه بمنقاره، ثم صعد إلى السور الخشبي وأطلق صياحه بكل قوة:
“كو كو …كو كو”..
سمع صاحب المزرعة الصوت، فنظر إلى الديك وقال مبتسماً:
“أحسنت! الديك الذي يعمل لا يمكن الاستغناء عنه”.

ومنذ ذلك اليوم، عاد الديك إلى صياحه كل صباح، وعادت الحياة إلى المزرعة كما كانت، وأدرك الديك أن لكل عمل قيمة، وأن الراحة لا تأتي على حساب المسؤولية.

زر الذهاب إلى الأعلى