آداب وفنون

كانت فصارت

نثر/ نُرما علوي

كانت بذرة وضعت في تُربة قلبك، ومع مرور الوقت لم تنمُ، ثم قلت :
لا، لن أستسلِم، ستنمو مرةً أُخرى، لعلِّي هذه المرة أُصيب.. ففعلت، ولكن حدث ما كان بِحُسبانك، لم تنمُ مرةً أُخرى، فغُرِقتَ يأساً، وأَصبحت البذرةُ التي وضعتها ليست بذرةُ أُمنية بل يأسٍ، وظننتَ بِربِّك ظنّ السوء، وجزعت عن الأملُ بِربِّك، وجعلت اليأس على عرش قلبك جالِساً، واستيأستَ عن اليقين بالله.

أنسيتَ أنّ البذور لا تنمو ولا تُزهِر إلّا بالصبر على طُلوعِها؟ جعلت الظلام واليأس هو شِعارك ونسيت شِعار ”لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ“..
أوَ نسيت أنّ لا شيءً سيأتي هكذا؟ ستسعى لِتُحقق، ستتعثر وترجع ألف خطوةٌ لِلوراء، ولكن ستتقدم خطوة خطوة إلى أن تصل إلى المُبتغى. قد يُؤخر الله في بعضِ الأحيان أموراً يتمناها قلب المرءِ بِشدة،، ويُخلق في الشخص اليأس الشديد الذي يُنسيه بِأنّ الله هو ربّ الكافِ والنون، الذي جعل العذراء البتول تلِد، والطفل الرضيع الذي في المهد ينطق، والحوت الكبير لا يهضُم، والبحر العميق ينشق، والنّار بردًا وسلامًا، والصاحِبان في الغار اللذان إذا نظر شخص إلى أسفل قدميه لرآهُما، وكبير السِن والعاقِر بعد طولِ الأمد ينجِبان.

أويظنّ بِأنّ من جعل هذه الأمور كُلِّها حقًا وواقِعًا، لن يجعل أمنيته التي ليست بالشيء العظيم أمام هذه المعجزات حقًا؟ أُستُجيب دُعاء زكريا لحظة دُعائه عندما بشرته الملائكة بيحيى بسبب يقينه، وأنت يقينك سيكون هو مفتاح أبواب أحلامك، وسيكون الضوء الذي ستنمو بسببه البذرة التي غرستها.

يعقوب – عليه السلام – رغم انقطاع أسباب كل ما يُوحي بِأنّ دعوته ستستجاب لم ييأس.. بقيَ سنيناً طويلةً جدًا يدعو ربّه أن يرُد إليه ابنه يوسف، وأُجيبَ له بسبب يقينه العظيم بالله.

اجعلها في ذِهنك، كلما زداد يقينك بالله سيستجاب دعاؤك أكثر. لا تُقلِل من شأَنِ دُعائك، هذا الصوت الخفيّ الذي تظُن بِأنّ لا أحد يسمعه، فُتحِت له أبواب السمَاء، ونزلت من أجله الملائكة.
لا تيأسنّ، فالله رب الكافِ والنون الذي يقول لشيء كُن فيكون.. فيومًا ما ستصير من “كانت” إلى “صارت”.. لا تجزع مهما حدث، لأنها ستصبح وردة.

زر الذهاب إلى الأعلى