سوء فهم..!

قصة: عبدالله محمد العمودي
مضت سنة كاملة وزيد لا يستطيع التحدث مع والده كما اعتاد. كان هناك سوء تفاهم بسيط، لكنه ترك جرحًا لم يندمل، ومع مرور الوقت، طال الصمت حتى أصبح عامًا ثانيًا، ثم ثالثًا، فدخلوا عامهم الرابع دون أن تُفتح بينهم كلمة صافية.
أربع سنوات من المسافة الباردة، وكلٌّ منهما يظن أن الآخر لا يريد المصالحة.
صالح، صديق زيد المقرّب، كان يرى الحزن في عينيه كلما تحدّث عن أبيه. حاول صالح التدخّل، وشاركه الجميع الرغبة في إصلاح العلاقة، بمن فيهم أنا، لكن دون جدوى. حتى صالح، المعروف بحكمته وقدرته على حل المشكلات، وقف عاجزًا أمام هذا الجدار الصامت.
زيد نفسه حاول مرارًا أن يبدأ، أن يتحدث، أن يعتذر، لكن شيئًا ما كان يشدّه للخلف في كل مرة.
في أحد الأيام، جلس زيد مع زميله علي في ساحة الجامعة وقال له: “لدي مشكلة أرهقتني، ولا أجد لها مخرجًا.”
رد علي بابتسامة مطمئنة: “عساه خيرًا. تحدث وسأساعدك قدر ما أستطيع.”
استمع علي لكل التفاصيل، بهدوء واحترام، ثم قال:
“أحيانًا، يا زيد، نُضخم الأمور في رؤوسنا ونمنح الصمت سلطة لا يستحقها. كن هادئًا، وابدأ أنت. خذ خطوة واحدة فقط، وقد تفتح لك كل الأبواب.”
كلمات بسيطة، لكنها اخترقت قلب زيد. في تلك الليلة، قرر أن يبدأ الحديث مع والده، لا بل قرر أن ينهي القطيعة، أن يتحدث بقلبه لا بكبريائه.
ولأول مرة منذ أربع سنوات، جلسا معًا وتحدثا. لم يكن الحديث طويلًا، لكنه كان كافيًا.
في اليوم التالي، التفت زيد إلى علي وقال له: “شكرًا لك، ما قلته كان مفتاحًا.”
ابتسم علي وقال: “لا شكر على واجب… هذا ما يفعله الزملاء الحقيقيون”