اكتشاف مذهل.. كنز أثري عمره 3000 عام يحتوي على مادة من خارج الأرض

كريترنيوز /متابعات /السيد محمود المتولي
يكشف كنزٌ مخفيٌّ في إسبانيا عن سرٍّ قديمٍ قد يُغيّر كلَّ ما نعرفه عن علم المعادن القديم. تُشكِّل قطعتان أثريتان مُدهشتان مصنوعتان من حديد النيازك تحدِّيان فهمنا لتكنولوجيا ما قبل العصر الحديدي.
في كل يوم تفصح لنا الأرض عن بعض أسرارها، تبهرنا فيه بحياة السابقين التي لا نعرف عنها سوى القليل، ما يجعل العقل يحار هل هؤلاء السابقون كانوا بالفعل أكثر منا تقدماً، أم ما وصلت إليه البشرية الآن هو قمة ما وصل إليه الإنسان من تطور؟.
أخرجت الأرض لنا كنزاً من العصر البرونزي، قد يُغيّر فهمنا لفنون تشكيل المعادن القديمة، وهو كنز فيلينا، والذي يحوي عدداً من التحف الذهبية التي عُثر عليه قبل أكثر من 60 عامًا في أليكانتي بإسبانيا، وفي هذا المكان وُجد جسمان أروع بكثير من نظيريهما المذهبين، وقد اكتشف الباحثون أن هذين الجسمين الحديديين، اللذين يبدوان عاديين، مصنوعان من شيءٍ خارق: حديدٌ من النيازك، وهي مادةٌ وصلت إلى الأرض من خارج كوكبنا وفق موقع ديلي جالاكسي.
كشف لغز كنز فيلينا
اكتُشف كنز فيلينا عام 1963 في منطقة إسبانية تُعدّ اليوم جزءًا من أليكانتي، وسرعان ما ساهم اكتشاف 66 قطعة، معظمها من الذهب، في ترسيخ هذا المكان كأحد أهم الاكتشافات في عصور ما قبل التاريخ الأيبيرية، لكن ضمن هذا الكنز كان هناك قطعتان حديديتان حيّرتا علماء الآثار من بين هذه الكنوز البراقة.
أحد هاتين القطعتين سوار صدئ، والآخر نصف كرة صغير مجوف يُعتقد أنه جزء من مقبض صولجان أو سيف، للوهلة الأولى، بدت هذه القطع في غير محلها، ويوحي مظهرها بأنها مصنوعة من الحديد، وهي مادة لم تكن شائعة الاستخدام في الفترة التي صُنعت فيها القطع الأخرى، وما يجعل هذه القطع مميزةً للغاية ليس عمرها فحسب، بل تركيبها أيضًا، فبعد دراسة القطع الأثرية، وجد فريق من الباحثين بقيادة سلفادور روفيرا-لورينز ، رئيس قسم الترميم المتقاعد في المتحف الأثري الوطني الإسباني، أن هذه القطع مصنوعة من نوع نادر من الحديد – نوع يسقط من السماء.
تُعرف هذه المادة باسم الحديد النيزكي، وهي غنية بالنيكل، وهي سمة رئيسية تميزها عن الحديد المستخرج من قشرة الأرض، ومن خلال مطياف الكتلة، أكد الباحثون أن كلاً من السوار ونصف الكرة الأرضية يحتويان على نسبة عالية من النيكل، مما يربطهما بالنيازك.
يتحدى هذا الاكتشاف التسلسل الزمني التقليدي لعلم المعادن الأيبيرية، مما يشير إلى أن هؤلاء القدماء كانوا على دراية بتقنيات تشكيل الحديد المتقدمة قبل بداية العصر الحديدي بوقت طويل، في أيبيريا، حيث لم يكن بدأ الاستخدام الواسع للحديد الأرضي إلا حوالي عام 850 قبل الميلاد، وهذه القطع تعود إلى فترة تتراوح بين 1400 و1200 قبل الميلاد، مما يجعل صنعها يسبق العصر الحديدي بكثير.
رؤى جديدة في علم المعادن القديم
لا تفتح المادة غير العادية للأجسام نافذة على التكنولوجيا المتقدمة في ذلك الوقت فحسب، بل تشير أيضًا إلى أن حديد النيازك ربما كان ذا قيمة عالية، حيث استخدمت الثقافات القديمة، مثل حضارة الفرعون المصري توت عنخ آمون، الحديد النيزكي في مصنوعاتها الأثرية، ومن المرجح أن الأيبيريين اعتبروا هذه المادة ذات الأصل السماوي مادةً مميزة، وربما منحوها أهمية روحية أو رمزية.
العثور على معدن غريب
يُعد اكتشاف هذه الأجسام الحديدية النيزكية في كنز فيلينا أول دليل على استخدام هذه المواد في شبه الجزيرة الأيبيرية، وهذه النتائج نُشرت في مجلة “أعمال ما قبل التاريخ”، وهي مجلة بارزة في علم الآثار الإسباني، وعلى الرغم من أن الأجسام متآكلة بشدة، مما يُصعّب التوصل إلى استنتاجات قاطعة، إلا أن الفريق الذي يقف وراء الاكتشاف متفائل بأن أساليب الاختبار الجديدة يمكن أن توفر بيانات أكثر تفصيلاً لتأكيد هذه النتائج.