متعففون

قصة: عبدالله محمد العمودي
ذهبت إلى مطعم، وكان في جيبي ما يكفي بالكاد لوجبة واحدة. عند الباب، وقفت أسرة مسكينة، طلبوا مني أن أُبقي لهم شيئا من الطعام إن استطعت. كانوا يظنون أن كل من يدخل المطعم قادر، ولم يكونوا يعلمون أنني بالكاد قادر على إطعام نفسي. أكلت وحدي، وخرجت دون أن أبقي لهم، فقط قلت: إن شاء الله في المرة القادمة.
بعد أيام عدت ومعي صديقي. ووجدناهم في نفس المكان، بنفس الرجاء، بنفس النظرات التي تشعرك بأنك تأكل وهناك من يراقب لقمتك. أكلنا ما تيسر، وما كفانا فقط. وكرّرنا لهم نفس الجملة: إن شاء الله في المرة القادمة.
في المرة الثالثة، لم يطلبوا شيئا، فقط اكتفوا بالنظر. يمكن لأنهم اعتادوا الخذلان، أو اكتفوا بالأمل. أكلنا، ثم قلنا لهم بصراحة: نحن مثل حالكم، يالله نعيش ونأكل.
فابتسموا وقالوا: “ما عليكم الله كريم”
في المرة الرابعة، ذهبت وحدي، ولم يتغيّر وضعي كثيرا لكن قررت أن أُبقي لهم قليلا من الطعام. شيء بسيط، لكنه كان مختلفا هذه المرة. ناولته لهم، وشعرت بسعادة داخلي.
قلت في نفسي : “ليتهم يعرفون أن الجوع لا يمكن رؤيته دائما، وأنه أحيانا يتخفى خلف جدار من الصمت”
فمن الممكن أن هناك من لا نعرفه عن جوعه، فبعض الناس يأكلون ألمهم بصمت.