آداب وفنون

من قضاة الصين إلى نجوم هوليوود… القصة الخفية لظهور النظارات

كريترنيوز/ متابعات /رضا أبوالعينين

 

لم تعد النظارات مجرد وسيلة لتصحيح النظر، بل تحوّلت على مدى قرون إلى رمز للمعرفة والأناقة، وأداة ضرورية لملايين البشر حول العالم، ورغم حضورها اليوم كجزء طبيعي من الحياة اليومية، إلا أن مسيرتها التاريخية تزخر بمحطات مذهلة قد لا يعرفها كثيرون.
تعود أصول النظارات القابلة للارتداء إلى القرن الثالث عشر في إيطاليا، حيث يُنسب الاختراع إلى سالفينو ديغلي أرماتي. ومع عصر النهضة، ارتبطت النظارات بالعلماء والطبقة المثقفة، ما جعلها رمزاً للذكاء والثراء. وفي القرن السادس عشر كان الناس يمسكونها باليد أو يضعونها على الأنف دون دعامات جانبية، حتى جاء الحل الإسباني في أواخر القرن الثامن عشر باستخدام شرائط تُلف حول الأذن، لتلهم تصميم الأذرع الحديثة، وفقا لـ StarsInsider.
وساهم بنجامين فرانكلين في تطويرها بابتكار العدسات ثنائية البؤرة، فيما أدخل الفلكي البريطاني جورج آيري أول عدسات لتصحيح الاستجماتيزم عام 1825. أما ثورة الصناعة في القرن التاسع عشر فأتاحت إنتاجها بكميات كبيرة وجعلتها في متناول الجميع. لاحقاً، ظهرت الابتكارات مثل النظارات المضادة للوهج بتقنية الاستقطاب من ابتكار إدون لاند في العشرينات، والعدسات الفوتوكرومية “الكامليون” في ستينات القرن الماضي.
أما النظارات الشمسية فقصتها أقدم مما يُعتقد؛ إذ استُخدمت في الصين منذ القرن الثاني عشر لإخفاء عيون القضاة أثناء المحاكمات، قبل أن يبدأ إنتاجها التجاري الواسع في الولايات المتحدة عام 1929. كذلك طُوّرت نظارات ملونة لذوي الحساسية الضوئية ثم تحوّلت إلى منتج جماهيري.
وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 75% من البالغين حول العالم يستخدمون وسائل لتصحيح النظر، و64% منهم يرتدون نظارات. لكن التكنولوجيا الحديثة ساهمت أيضاً في زيادة نسب قصر النظر بسبب الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
لم تقتصر النظارات على الزجاج كما يعتقد البعض، فالتطور التقني في الثمانينات أتاح إنتاج عدسات بلاستيكية خفيفة وأكثر أماناً، مع طبقات للحماية من الأشعة فوق البنفسجية. وتنوعت الاستخدامات بين نظارات القراءة، والنظارات الواقية للعمال، والطيارية التي صُممت للجنود الأمريكيين قبل أن تتحول إلى موضة عالمية عقب فيلم “توب غان”.
ورغم كل هذه التطورات، يبقى الهدف الأساسي للنظارات هو المساعدة على رؤية أوضح وحماية العينين. ويؤكد الخبراء أن تجاهل ارتدائها عند الحاجة قد يؤدي إلى مضاعفات مثل الصداع النصفي والإجهاد البصري، ما يجعلها أداة لا غنى عنها في حياة نحو أربعة مليارات شخص حول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى