آداب وفنون

خطاب الناقد للأديب.. فجوة تتسع وجدل لا حسم أو نهايات له

كريترنيوز متابعات /السيد رمضان السيد

 

القراءة النقدية.. عنوان كبير طالما قرع أسماعنا، وأثار انتباهنا بمؤلفات وإسهامات مختلفة في الصحف والمجلات الثقافية ووسائل الإعلام المتنوعة، وخلال ذلك تشكَّلت في أذهان الكثيرين صور وأنماط متباينة للكتابات النقدية، بعضها غارق في غموض المصطلحات الأكاديمية الغريبة، والآخر مكتظ بالثناء والإشادات الفارغة التي لا تكشف عن مظاهر النص الفنية أو تسعى إلى تحليله.

 

«البيان» أفردت هذه المساحة لاثنين من أهل الأدب والنقد في الوسط الثقافي بالإمارات، لإيضاح ملامح هذه القضية المهمة في عجالة وإيجاز، ورسم تصوُّرات فكرية تحدِّد أبعاد الإشكالات العالقة بها، وتخطُّ طرقاً مضيئة تُخرج الأدباء والنقاد معاً من ظلمات التيه، وتقلِّص الفجوة المتسعة بين الفريقين.

 

أزمة مصطلح

 

الشاعر الإماراتي عبدالله الهدية أكد أن الوسط الأدبي يشهد أزمة مصطلح عامة، بحيث إن المتلقي يواجه سيلاً من المصطلحات التي تفوق مستواه الفكري والمعرفي، ومن ثم تتسع الفجوة بين الأديب والناقد، مشيراً إلى أن ثمة نوعاً من التحيُّز إلى مدارس نقدية بعينها، ولا سيما الغربية.

 

وأوضح الهدية أنه لا ضير من الاستفادة من المذاهب النقدية الوافدة على الثقافة العربية بشرط مراعاة أسلوب القصيدة العربية ومحدداتها الخاصة، وألَّا يتم إقحام بعض الأفكار التي لا رابط ثقافياً بينها بصورة مستهجنة، معرباً عن رفضه إقصاء سائر الأشكال الشعرية في سبيل التعصُّب لشكل معيَّن.

 

وقال: «من الظواهر السلبية التي تسببت في حالة التنافر بين الشعر والنقد في العصر الراهن أن يطلب بعض النقاد من شاعر نصوصاً من إنتاجه الأدبي ليكتب قراءات نقدية حولها نظير ثمن متفق عليه»، مؤكداً أنها ظاهرة محدودة وأن الوسط الأدبي لا يزال يحفل بالعديد من القامات النقدية الجديرة بالاحترام.

 

أسس ومعايير

 

من جانبه، شدد الناقد السوري الدكتور أحمد عقيلي، أستاذ النقد الأدبي في جامعة أم القيوين، على ضرورة أن يقدِّم الناقد الأدبي مادته النقدية الموجَّهة إلى الأدباء، سواءٌ أكانوا شعراء أم روائيين أم كتَّاب قصص أم مسرحيين، بصورة تراعي الدقة العلمية الأكاديمية القائمة على أسس منهجية بعيداً عن الانطباعية اللحظية غير المقبولة، وتتسم بلغة واضحة بسيطة خالية من التقعُّر والإغراق في الصعوبة، واصفاً القراءة النقدية بأنها الذراع المساعدة للأديب التي تأخذ بيده إلى الارتقاء بأسلوبه وأدواته الإبداعية.

 

وقال: «إن النقد هو المرآة التي تجلو النص الأدبي، وهذا الأمر يستلزم من الأديب ألَّا يرى النقد نوعاً من الانتقاص من عمله الإبداعي، وإنما هو دافع له إلى تطوير تجربته الأدبية وتعميقها»، لافتاً إلى أن ثمة فرقاً بين النقد والانتقاد، وأنه لا بد من استفادة الأدباء من الكتابات النقدية الحديثة.

 

واستعرض عقيلي بعض الأسس والمعايير التي تستند إليها الكتابات النقدية الجادَّة المعتمدة على مناهج النقد الأدبي الأكاديمية، كالمنهج البنيوي والأسلوبي والتكاملي والاجتماعي، إضافة إلى المناهج النفسية، موضحاً أن النقد الحقيقي هو الذي يعالج ظواهر فنية في النص، كقوة اللغة وتماسكها وتوظيف الرمز الموحي والتعبير عن نفسية المبدع بطريقة تعكس المضمون المراد تناوله وغيرها

زر الذهاب إلى الأعلى