تحت قشر البيض

تأليف: عوض عبدالله العمودي
في مدينة صغيرة مليئة بالهدوء، عاش شاب طيب القلب يُدعى آدم.
كان يعمل بجد، ويكافح من أجل لقمة العيش بعد وفاة والديه كما كان يعتقد.
لكن القدر كان يخبئ له سرًا تحت قشر البيض…
ظهر في حياته رجل غامض يُدعى السيد بلاك.
كان يتحدث بلطفٍ ويمنحه الأمل في شراكةٍ كبيرة.
أُعجب آدم بشخصيته وكرمه، ولم يكن يدري أن ذلك الكرم كان سُمًّا مغطى بالعسل.
بعد فترة قصيرة، عرض السيد بلاك أن يزوّج ابنته ثريا من آدم.
كانت ثريا جميلة وساحرة، لكن قلبها كان أسودًا.
وفي ليلة الزفاف، قدّمت له عصيرًا ممزوجًا بمخدر، وجعلته يوقّع على أوراق نقلت كل أملاكه إليها.
وفي الصباح، استيقظ آدم ليجد نفسه بلا مال، بلا زوجة، بلا بيت.
اختفى السيد بلاك وابنته، وتركاه محطمًا.
بدأ آدم يشك أن هناك سرًّا كبيرًا وراء كل ما حدث.
في الصباح التالي، غادر آدم المدينة حزينًا محطم القلب.
لم يعد يثق بأحد، ولا يفكر سوى في الانتقام ممن دمّروا حياته.
لكن رغم الألم، ظل في داخله صوت يقول:
“حتى تحت قشر البيض… لا بد أن تنكسر القشرة يومًا، وتظهر الحقيقة.”
بعد أسابيع، طرق الباب ثلاثة رجال يشبهون السيد بلاك إلى حدٍّ غريب.
قال أحدهم، وكان يُدعى مازن:
“نحن إخوة ثريا، جئنا نستعيد ما تبقى من حقنا.”
نظر إليهم آدم بدهشة وقال:
“أي حق؟ لقد أخذتم كل شيء مني!”
ضحك الثاني، راشد، وقال بسخرية:
“ما أخذناه لم يكن سوى البداية.”
ثم قال الثالث، نديم، بهدوءٍ غامض:
“يا آدم، لم تكن سوى لعبة في يد العائلة، قطعة صغيرة في خطة كبيرة.”
حينها أدرك آدم أنه كان مجرد أداةٍ في أيديهم، وأن ما حدث لم يكن صدفة أبدًا.
قبل أسبوعٍ من كشف الحقيقة، كان السيد عمر على فراش الموت، يتنفس بصعوبة ويمسك بيد آدم قائلاً بصوتٍ متقطع:
“يا بني… اسمعني جيدًا قبل أن أرحل.”
قال آدم بخوف:
“ما الأمر يا سيدي؟”
ردّ السيد عمر:
“أنا والدك الحقيقي، والسيد بلاك هو أخي، أي عمّك.
وأمّ الأولاد الثلاثة هي أمّك الحقيقية، أما ثريا… فليست ابنتها.”
فتح آدم عينيه بدهشة وقال:
“يعني… ثريا ليست أختي؟!”
ابتسم السيد عمر رغم ألمه وقال:
“نعم يا بني، لا تخف. ثريا ابنة السيد بلاك من امرأة أخرى،
فأنت لم تتزوج أختك… لم تقع في الحرام.”
ثم أغمض عينيه ورحل بسلام، تاركًا في قلب آدم راحةً ممزوجة بالحزن.
بعد أسبوع من وفاته، واجه آدم السيد بلاك وأبناءه الثلاثة.
كانوا في صالة القصر الكبيرة، جلس السيد بلاك على الأريكة الفخمة واضعًا رجله فوق الأخرى،
وجلس بجانبه مازن وراشد ونديم حول الطاولة بوجوهٍ باردةٍ خاليةٍ من الندم.
أما ثريا، فكانت جالسة في الصالة نفسها، وجهها متجه نحو آدم،
وعيناها في عينيه مباشرةً، تصغي إليه وهو يروي الحقيقة التي صدمت الجميع.
قال آدم بصوتٍ ثابت:
“قال لي السيد عمر قبل موته بأسبوع… إنه أبي الحقيقي،
وكشف لي كل ما أخفيتموه عني.”
صرخ مازن غاضبًا:
“كيف عرفت الحقيقة؟!”
ردّ آدم ببرود:
“لقد قال لي كل شيء… قبل أن يرحل، كشف السر ودفنه في قلبي حتى يأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقيقة.”
في تلك اللحظة، وصلت الشرطة إلى القصر، لتضع القيود في أيدي السيد بلاك وأبنائه الثلاثة.
بينما جلست ثريا تبكي بصوتٍ خافت وتقول:
“كنت أداة في يد أبي… لم أعلم شيئًا.”
اقترب منها آدم بخطواتٍ بطيئة وقال بصوتٍ حزين:
“حتى تحت قشر البيض… تبقى الحقيقة حية، تنتظر من يكسرها.”