آداب وفنون

التريُّث.. ما بين التفريط والتطبيق

خاطرة / ناصر علي مدهش

أثبت الواقع والممارسة أن أكبر الأخطاء التي يرتكبها الإنسان في حياته، تكون ناجمة عن التفريط في التريث، وبسبب الخروج عن المألوف عند اتخاذ القرارات، وخاصة ذلك النوع المتعلق بالأمور المصيرية والشائكة التي تتطلب من الإنسان وقتاً كافياً ومزيداً من التأني. لذلك، فإن محصلة التسرع تكون طبيعية، لعدم إجراء الدراسة والتمحيص للأمور من قبل الشخص ذاته.

إن التريث، في معناه الكلي، لا يعني الضعف في اتخاذ القرار المناسب، أو التراجع إلى الخلف بضعة خطوات، أو الإستسلام، أو رفع راية الفشل علانية أمام الآخرين. فالواقع والتجربة يؤكدان بقوة أن التريث هو الحكمة والسلاح الذي لا يفرط فيه العقلاء، وطوق نجاة، ويعرف بقيمته وعائداته المثقف الرصين الواعي الذي عمل به وجسده على أرض الواقع بسلوكه عند نزول المصائب.

علينا اليوم أن نستفيد من تجارب الآخرين، وبالذات من العقلاء والمثقفين، وأن نجعلهم القدوة التي نقتدي بها في سلوكنا الذي هو الوجه المشرق لنا، وأن نقوم بتشجيع أولادنا وبناتنا على إجادة فن التريث، من خلال تواجدنا ومعيشتنا اليومية معهم. فقد قيل:
لا تعجلن لأمر أنت طالبه
فقلما يدرك المطلوب ذو العجل..
فذو التأني مصيب في مقاصده
وذو العجل لا يخلو من الزلل.

زر الذهاب إلى الأعلى