آداب وفنون

وجبة واحدة قد تكفي

قصة: عبدالله محمد العمودي

ذهب عبد الرزاق إلى المطعم كما يفعل في بعض الليالي، لكن شيئا ما في داخله كان مثقلا بالضيق. لم يكن السبب غامضا فهو يعرفه جيدا. ذلك الإحساس بالعجز حين لا تملك سوى القليل، مبلغ بالكاد يكفي وجبة واحدة، بينما نفسك تميل لأن تطلب أكثر.
ابتسم في نفسه بمرارة وقال: أحيانا عليك أن تتقبل الحقيقة كما هي، لا كما تشتهيها.

جلس إلى الطاولة، وتردد قليلا قبل أن يطلب وجبته. وبينما ينتظر، لمح رجلاً يبدو متعبا يقف عند باب المطعم، ينظر إلى الداخل بنظرات جائعة. اقترب منه بخطوات خجولة وقال:
يا أخي، هل يمكنك أن تترك لي بعض الطعام؟ أنا جائع منذ الصباح.

تردد عبد الرزاق لحظة، ثم أشار إلى الكرسي أمامه مبتسما:
تفضل، كل ما تشاء.

جلس الرجل شاكرا، وبدأ يأكل بنهم كمن وجد الحياة من جديد.
بينما كان عبد الرزاق ينظر إليه في صمت، ثم شعر بشيء يشبه الدفء يتسلل إلى صدره، كأن الجوع الذي كان فيه قد زال.
وحين انتهى الرجل من طعامه، مسح فمه بكم قميصه وقال بخجل:
شكراً لك.
ابتسم عبد الرزاق وقال:
لا شكر على واجب، يا صديقي. ثم خرج من المطعم بخطوات خفيفة، وهو يشعر للمرة الأولى منذ زمن، بأنه شبع حقاً.

زر الذهاب إلى الأعلى