آداب وفنون

البدران النيِّران الجهوري والخلاقي.. إشادة بتكريمٍ مُعتَبَر ودعوة لتكريم منتظر !

بقلم /

الشاعر الشيخ: عبدالله صالح العبادي

لفت انتباهي، وأثار إعجابي وسروي عندما التقى الثنائي الرائع.. البدران النَّيران في سماء يافع والجنوب والوطن العربي، الأكاديمي المخضرم البروفسور عـلي صالح الخلاقي، والشاعر المناضل المهيب بدر الجهوري المرفدي، التقيا في حفل تكريم الأخير وأضفى وجودهما واجتماعهما مع شخصيات اجتماعيه واعلاميه وعسكرية وأدبية وجمهور كريم على الحفل جمالاً وهيبةً ووقاراً..
كيف لا، ودكتورنا الخلاقي قد وضع بين أيدينا مكتبة ثرية ونفيسة من المؤلفات والأبحاث في التاريخ والتراث والأدب الشعبي والأمثال والحكم والأعراف والعادات والتقاليد على مدى أكثر من عقدين بعد أن كانت اشتاتاً متناثرة هنا وهناك ، فصاغها وقدَّمها لنا في قالب سلس وجذاب يسهل على القارئ استيعاب مفرداتها والاستمتاع بمضامينها، وأصدقكم القول أنني لم أتمكن من استكمال قراءة مؤلفاته لكثرتها وغزارة ما فيها بالرغم من نهمي الشديد للقراءة وحبي للاطلاع على التاريخ والتراث، وأقول في نفسي إذا كان الدكتور قد فحص ودقق وجمع وكتب وترجم جميع هذه المؤلفات وأنا لم استطع أن استكمل قراءتها فكم هو الجهد الذي بذله من وقته وما هي الطاقة الجبارة التي مكنته من إخرج هذا الكم الهائل من المؤلفات في التاريخ التراث..
قيل: لكلِّ مجتهِدٍ نصيب.. ويا له من مجتهدٍ مثابر استفرغ مجهودَه وبذل طاقته حتى أخرج لنا مؤلفات شتّى تقارب الخمسين إصداراً في التأليف والترجمة والتدوين والتوثيق، فرفد مكتبتنا الوطنية بهذه الدرر النفيسة والمفيدة التي تصل الماضي بالحاضر والمستقبل، ولا يسعني في هذا المقام إلاَّ أن أُوجِّه نداءً لمن يُقدِّرون العلم والتراث والإبداع والظهور الإعلامي في جميع المحافل والعطاء المتدفق الذي لم ينقطع مدده في مختلف مجالات التاريخ والتراث للبرفسور علي صالح الخلاقي إلى تظافر جهودهم لتكريمه بعد هذا المشوار الطويل من العطاء وهذا الحصاد الوفير والمفيد الذي ننتفع به ويظل ذخراً وزاداً للأجيال القادمة، بحفل يليق بما قدمه خلال مسيرته الكفاحية في إحياء التراث واظهاره بأبهى صورة.
وكيف لا، وشاعرنا المهيب بدر الجهوري الذي تم تكريمه في ذلك الحفل الجامع قد استحق بجدارة هذا التكريم وهذا الحضور المهيب من قبل محبيه وداعميه الأخيار، وصدق المتنبي القائل:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتكريم الجهوري شعبياً من محبيه وجمهوره هو عرفان لنشاطه في الدفاع عن الوطن سنوات وأشهر بدون راتب، اضطر في بعض الأحيان إلى الإستدانه للإنفاق على أسرته ونذر نفسه وموهبته وإبداعه وطاقته للمصلحة العامة ، سواء في جبهات المواجهة مع الحوثيين أو في إحياء التراث الأدبي، حيث سخر موهبته في إنجاح المسابقات الشعرية المكرسة للأعمال الخيرية، وعلى الأحص في دعم الطرقات في يافع بكل تفانٍ وبحماس منقطع النظير مع كوكبة من الشعراء الذين وصلوا في إلى رقم قياسي ودعم جماهري غير مسبوق فيما تم جمعه من تبرعات، وما زال شاعرنا المهيب واعداً بالمزيد في مضمار الشعر.
لهذا فحينما شاهدت أمامي اجتماع الثنائي الرائع الدكتور الخلاقي والبدر الجهوري في حفل تكريم الأخير اعتبرته (كرامة التكريم) التي ستكتمل في تكريم مماثل نأمل أن يحظى به الخلاقي قريباً من جمهوره ومحبيه..
ومما أثار دهشتي أيضاً تلك المشاعر الفياضه بالإشاده والعرفان والود في المقال الذي كتبه الدكتور الخلاقي في صفحته على الفيسبوك عن بدر الجهوري وإعجابه بنضاله وأشعاره قبل أن يلتقي به.
والأكثر إدهاشاً وإعجاباً هو رد البدر الجهوري على مقال الدكتور بقوله: إنه يحمد الله الذي أطال في عمره حتى هذه اللحظة التي جمعته بالدكتور الذي طالما تمنى لقاءه.. فيا لها من قواسم مشتركة نبيلة، إنها أرواح الأدب تناجي بعضها البعض عن بعد، في سياق الأخلاق الفضيلة وتخليد التراث والقيم والهوية والأدب للأجيال ..
وأختم مقالي بأبيات شعرية قلتها في كل من الدكتور الخلاقي وبدر الجهوري، وأبدأ بالابيات التي قلتها في حفل جمعني بالدكتور الخلاقي قبل عشر سنوات وكانت توقعاتي في محلها، بل ان عطاءه الفكري الذي لا ينضب تخطاها بكثير.. واقتطف منها هذه الأبيات:
فتى في سبيل العلم كرس حياته
ونجمٌ في الاعلام هلت مواهبه
احب التراث اليافعي وهو يافعٌ
وشوقٌ الى ادب الشعوب يجاذبه
بحلِ وترحالِ الى كلِ قريةٍ
يؤلف اشتات التراث وكاتبهُ
ففي النشر والاخراج جمٌ عطائه
وفي قمة الاعلام تعلو مراتبهُ
كاني بقاموس التراث نديمهُ
بما بنفع الأجيال حبلى حقائبه
وارشيفه الخلاق يزهو تألقاً
بفيض من الابداع تغري عجائبة
وما زال للدكتور عندي بقيةٌ
تدِرُ ثراء في خيالي مناقبه
عليه من الزهر النضير اريجهُ
ومن مسك ابداع القوافي اطايبه

ومن قصيدة مطوله قلتها في البدر الجهوري اقتطف منها الأبيات التالية:

إلى موكب الشعراء وجهتُ ناظري
وفي نادي الآداب راقت مشاعري
لعلي أرى البدر الذي ذاع صيتهُ
بنظم سباق الشعر بدر الجهاوري
وأرجو له حظاً جميلاً وحظوةً
صديقي بشيلات القوافي وشاعري
جديرٌ بإعجابي وفخرُ قصائدي
ونبراس أرشيفي ومسك دفاتري
مَكينٌ بوجداني سفير تواصلي
وإنسان توصيفي ونبض خواطري
تجلى بساحات النضال طموحه
وأشعاره تحتل أعلى المنابرِ
إليك التهاني والأماني أزفها
وباقات زهرٍ في لُجين جواهري
يفوح على كل الحضور أريجها
من اليانعات الزاهرات النوادرِ
بديوان شاعرنا المهيب وحوله
نجومٌ من الأهل الكرام الأكابرِ
فتى في الملمات المهمات حاضراً
ويحجرن له بيض الوجوه الحرائرِ
عروبي جنوبي يافعي تحتفي به
جماهير شتى في جميع المهاجرِ
وتاريخهُ الخلاق شعراً وهمـةً
عصامي عزيز النفس حي الضمائرِ

زر الذهاب إلى الأعلى