تقارير وحواراتطب وصحة

“الأندومي” خطأ نرتكبه كل يوم

كريترنيوز /شقائق /تقرير /أنسام عبدالله

يعتبر الأندومي أحد مخرجات الحياة العصرية الحديثة التي غزت كل تفاصيل حياتنا، حيث يعتبر أكبر برهان على اعتمادنا ثقافة الاستهلاك، و الاتجاه نحو الأكل السريع الجاهز، مثله مثل أي منتج أو عادة أو فكرة دخيلة، إذ أصبحنا نربي اطفالنا على تقبل الأشياء الجاهزة والأفكار المعلبة دون تدقيق، وبالتالي تعطيل طاقاتهم العملية والإبداعية.

 

الأندومي وخطره على الصحة:

 

يؤكد الدكتور نواف محمد ـ طبيب أطفال ـ على تزايد حالات الأطفال في الآونة الأخيرة ممن يعانون من سوء التغذية في عيادته، ولم يقتصر الأمر فقط على أطفال الأسر الفقيرة، بل على العكس من ذلك، فمعظم الأطفال ممن يمتلك أهاليهم مدخولات جيدة، لكن اتضح انهم يعتمدون في وجباتهم على “الأندومي” بصورة رئيسية، إذ أن البعض منهم يأكل في اليوم الواحد كرتوناً كاملاً، دون أي تدخل من الأهل لمنع أطفالهم عن هذا الفعل الخطر صحياً، حيث إن أغلب الأمهات أصبحن مشغولات عن تربية أطفالهن لصالح عاداتهن ومشاغلهن الشخصية، فيلجأ الطفل إلى الأندومي كونه سهل التحضير ولذيذ الطعم.

 

كما أكد الدكتور نواف أن “الأندومي” وجبة تفتقر للكثير من المغذيات وعلى رأسها البروتين، حيث ترتبط أضرارها بغناها بالسعرات الحرارية والدهون والكربوهيدرات، إلى جانب المواد الحافظة والملونات الصناعية، كما تحوي الملح الصيني، وهو من أخطر المواد المصنعة والمضافة للأغذية السريعة. وتكمن مشكلة “الأندومي” الرئيسية في تناول هذه العناصر المركزة بكميات كبيرة في اليوم الواحد، حيث يسبب الصوديوم العالي الذي يحويه ارتفاع ضغط الدم ومشاكل الكلى، وتلف الأعصاب، وأيضاً سرطان الغدد الليمفاويةد

 

أضرار “الأندومي” على الفتيات:

 

تقول سهام محمد، وهي تلميذة بالصف الرابع، إنها أصبحت مدمنة على تناول الأندومي وبشكل جنوني، إذ لا يخلو يوم من تناوله، فهي تصر على أبويها أن تشتريه وتأكله في اليوم على الأقل مرتين، لكن ومنذ فترة دخلت على إثر غيبوبة بسبب هبوط حاد المستشفى، حيث تم فحصها وتبين أنها تعاني من هزال شديد، وسوء تغذية، وآلام في أسفل الظهر (الكلى)، وقد نصحها الطبيب بالتوقف عن أكل الأندومي وقد فعلت، وتحسنت صحتها بشكل كبير، حيث أوصاها الطبيب باعتماد نظام غذائي متنوع يحتوي على الخضار والفاكهة والحبوب والأكل الطبيعي.

 

لوحظ كذلك اعتماد الفتيات من مختلف الأعمار على الأندوني، وبشكل كبير في وجباتهن الغذائية، فقد أصبح بالنسبة لدى فتيات الثانوية والجامعة “ستايل أكل عصري”، ويتفنن في طريقة إعداده وتقديمه بأشكال مختلفة، معتقدات أنه شكل من أشكال التفاخر والتقدم، فلا يخلو “كافيه” أو مطعم أو جلسات عائلية وتجمعات حميمة من هذه الوجبة، فالكل يصور ويوثق وينشر “الأندومي”، غير آبهات بضرره على صحتهن.

 

حيث وجد الباحثون أن خطر “الأندومي” على البنات أعلى بنسبة 68% للإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، إذ يحتوي على 62% من دقيق القمح الأبيض، ولاحتوائه على الدهون المشبعة فهو مؤثر على صحة القلب والشرايين، لا سيما النوع الكوري والذي يحتوي على “شطة” حارة جداً تؤثر بشكل مباشر على صحة الجهاز الهضمي والعصبي معاً. كما أنه في الأصل عبارة عن عجينة بيضاء من الدقيق والنشأ يتم تجفيفها لفترة طويلة وتتعرض للعديد من الجراثيم والبكتيريا قبل وبعد تعليبها.

 

تجار “الأندومي” الرابح الأكبر:

 

من جانبه، أوضح جلال ناصر – صاحب بقالة – أن أكثر منتج مطلوب منذ سنين في بقالته هو “الأندومي” وبشكل كبير، فالأغلبية يشترونه، كباراً وصغاراً، نساءً ورجالاً. إذ كان في البداية الأهل يشترونه لأجل أطفالهم كوجبة إضافية، أما الآن فالبعض يعتمده كوجبات رئيسية لجميع أفراد الأسرة.

 

وأضاف قائلاً: إن الأمر لا يخلو من بعض الإضافات الصناعية إليه كي تزيد لذته لدى الأطفال، حيث يضيفون إليه الجبن والشطة، وأحياناً الماء، حيث يأكلونه نيئاً في أغلب الأحيان وأمام البقالة وبدون طبخ.

وأردف ناصر أنه يسمع كباقي الناس عن أضرار الأندومي، إلا أن الجميع يواصلون شراءه.

 

“أطفالي جعلوني مدمنة أندومي”:

 

بنبرة ضاحكة قالت ولاء مسعد، وهي”ربة بيت، إنها كانت محاربة بشكل كبير لدخول وجبة “الأندومي” إلى منزلها، خصوصاً عند حملها الأول وخوفها على طفلها، ولكن مع الحمل الثاني والثالث والرابع، وتزايد المسؤوليات أصبح مسموحاً بدخول الأندوني إلى المنزل شيئاً فشيئاً، حتى أصبح في غالب الأحيان وجبة تعتمدها حال غياب الأب عن المنزل.

مضيفة أنها أصبحت مدمنة مثل أطفالها على هذه الوجبة سريعة التحضير، فهي لا تتطلب الكثير من الجهد أو الوقت لتحضيرها (ماء ساخن وقليل من الإضافات المحببة) وأصبحت جاهزة..

 

وعن الأضرار التي لاحظتها على أطفالها وأسرتها جراء تناول الأندومي بشكل مستمر، قالت السيدة ولاء إنها اكتشفت مؤخراً أنها مصابة بجرثومة المعدة، كما لاحظت اكتفاء أطفالها بمقدار محدد من الوجبات الأخرى المفيدة لصالح الأندومي الذي جعلهم لا يحبذون غيره. كما لم تخفِ قلقها من الأضرار الصحية على المدى البعيد من هذه الوجبة السريعة، مطالبة الحكومة بوقف استيرادها للحفاظ على صحة الجميع.

 

الحذر يا أمهات المستقبل:

 

في ذات السياق، أوضحت دكتورة النساء والولادة، رجاء علي، أنها صادفت حالة تشوه لطفل حديث الولادة في الجانب العلوي من رأسه، حيث يختفي الجزء العلوي من الرأس بشكل كامل. وعند سؤالي عن نظام الأم الغذائي والتي كان عمرها لا يتجاوز 16 عاماً، قالت إنها كانت في فترة حملها تعتمد على الأندومي بشكل كبير.

وأضافت أن أثر الأندومي الواضح على صحة الأم، التي تعاني من سوء تغذية وفقر دم حاد، امتد ليؤثر على صحة جنينها.

 

لذا، وجهت كلامها إلى جميع الفتيات والأمهات، داعية إياهن إلى تقنين استخدام الأندومي في وجباتهن اليومية، واعتماد الغذاء المتنوع، إذ أن أكبر أضراره تأتي من كونه لا يحتوي على فيتامينات ومعادن، بالإضافة إلى أضرار المحسنات الغذائية الكيميائة المضافة. أيضاً حذرت من تأثيره على بناء شخصيات أبنائنا مستقبلاً مما يجعلهم استهلاكيين بدون وعي، ولا يقدرون على تمييز المضر مما قد يفيدهم لصحتهم أو لأسلوب حياتهم بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى