طب وصحة

الجوع يطلق هرمونات الغضب.. السر الكامن وراء الانفجار المفاجئ

كريترنيوز /متابعات /رضا أبوالعينين

 

أثبتت دراسات علمية حديثة أن الشعور بالجوع لا يؤثر فقط على المعدة، بل يمتد تأثيره إلى الدماغ والسلوك البشري، مسببًا ما يُعرف بظاهرة “الجوع الغاضب” أو hangry، وهي الحالة التي يفقد فيها الإنسان هدوءه ويتحول مزاجه إلى التوتر والانفعال نتيجة انخفاض مستوى السكر في الدم.

ويشير الخبراء إلى أن عدم تناول الطعام لفترة طويلة يؤدي إلى انخفاض الجلوكوز في الدم، وهو المصدر الأساسي لطاقة الدماغ. وعندما لا يحصل الدماغ على حاجته من الطاقة، يطلق الجسم مجموعة من الهرمونات، أبرزها الأدرينالين والكورتيزول، للمساعدة في تحرير الطاقة المخزّنة. ورغم أن هذه الهرمونات تعزز الانتباه واليقظة، فإنها في الوقت نفسه تجعل الشخص أكثر عرضة للانفعال وردّات الفعل المبالغ فيها.

ويُفرز الدماغ أثناء الجوع أيضا مادة كيميائية تُعرف باسم الببتيد العصبي Y، تعمل على زيادة الإحساس بالجوع، لكنها ترتبط في الوقت ذاته بمشاعر العدوانية والقلق. ونتيجة لذلك، يعاني كثيرون من العصبية المفرطة، ونفاد الصبر، وضعف القدرة على ضبط النفس أو التركيز، ما يجعلهم أكثر قابلية للانفجار في وجه الآخرين أو اتخاذ قرارات متهوّرة، وفقا لموقع Verywell Mind.

وفي دراسة أُجريت عام 2014 على أكثر من مئة زوج وزوجة، تبيّن أن انخفاض سكر الدم جعل المشاركين أكثر ميلا للتصرف بعدوانية تجاه شركائهم، ما يؤكد أن الجوع يمكن أن يضع ضغطا حقيقيا على العلاقات الاجتماعية.

ويحذر اختصاصيو التغذية من أن تجاهل الوجبات أو تأخيرها بشكل متكرر قد يؤدي إلى تقلبات حادة في المزاج، كما يؤثر سلبا على القدرة على التركيز واتخاذ القرارات. وينصح الخبراء بتنظيم مواعيد الوجبات وتناول أطعمة متوازنة تحتوي على البروتينات والدهون الصحية والكربوهيدرات بطيئة الهضم للحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم. كما يُوصى بزيادة استهلاك الألياف وشرب كميات كافية من الماء، وتجنّب الحلويات التي تُسبب ارتفاعا سريعا في السكر يعقبه هبوط مفاجئ.

ويؤكد الأطباء أن التعامل مع “الجوع الغاضب” لا يقتصر على الأكل فقط، بل يشمل الوعي الذاتي وإدارة الانفعالات، من خلال أخذ فترات استراحة قصيرة أو التنفس العميق عند الشعور بالتوتر، إضافة إلى التواصل الصريح مع المحيطين لتفادي سوء الفهم.

ويخلص الباحثون إلى أن الجوع حالة مؤقتة يسهل السيطرة عليها، لكنها تذكّرنا بمدى ارتباط الدماغ بالجسم، وأن الحفاظ على تغذية متوازنة لا يضمن فقط صحة بدنية جيدة، بل يساهم أيضا في الاستقرار النفسي والعاطفي.

زر الذهاب إلى الأعلى