تقنية التقطير.. كيف تعيد تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي؟

كريترنيوز/ متابعات /وائل زكير
شهد قطاع التكنولوجيا وأشباه الموصلات اضطرابًا كبيرًا في يناير، بعد أن كشفت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية ” ديب سيك” عن نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وأقل تكلفة من نظيراتها الأمريكية، مما أدى إلى موجة بيع ضخمة في الأسواق.
ومع ذلك، فإن التأثير الحقيقي لهذه التطورات يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد شركة ناشئة، حيث أصبحت تقنية التقطير محور اهتمام وادي السيليكون، وهي ابتكار قد يعيد رسم خارطة المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ما هي تقنية التقطير؟
ووفقا لشبكة ” cnbc” تعتمد تقنية التقطير على استخلاص المعرفة من نموذج ذكاء اصطناعي ضخم لتطوير نموذج أصغر يتمتع بقدرات مشابهة ولكن بتكلفة وكفاءة أعلى.
وتتيح هذه العملية للشركات الناشئة والفرق الصغيرة، التي لا تمتلك موارد ضخمة، بناء نماذج ذكاء اصطناعي متطورة بسرعة وبتكاليف منخفضة.
في العادة، تستثمر الشركات الكبرى سنوات وملايين الدولارات في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة من الصفر. لكن عبر التقطير، يمكن لفريق أصغر مثل “ديب سيك” إنشاء نموذج خاص به من خلال استجواب النموذج الأكبر، مما ينتج عنه نموذج جديد بكفاءة تقارب كفاءة النموذج الأصلي، ولكن بموارد أقل.
ثورة في مشهد الذكاء الاصطناعي
ونقلت شبكة ” cnbc” عن الرئيس التنفيذي لشركة Databricks، علي غودسي، أن تقنية التقطير قوية جدًا ورخيصة ومتاحة للجميع، متوقعًا أن تحدث ثورة في كيفية تطوير نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، ما سيؤدي إلى منافسة غير مسبوقة في هذا المجال
وقد بدأت بالفعل فرق بحثية في الاستفادة من هذه التقنية. ففي جامعة بيركلي، تمكن باحثون من إعادة إنشاء نموذج منطقي مماثل لما طورته OpenAI مقابل 450 دولارًا فقط وفي 19 ساعة.
أما باحثو جامعتي ستانفورد وواشنطن، فقد أعادوا بناء نموذج مماثل في 26 دقيقة فقط، باستخدام أقل من 50 دولارًا. كما استطاعت شركة Hugging Face الناشئة إعادة تصميم أحدث ميزات OpenAI في تحدٍّ برمجي استمر 24 ساعة فقط.
دور المصادر المفتوحة في تسريع الابتكار
على الرغم من أن ” ديب سيك” لم تكن أول من استخدم تقنية التقطير، إلا أنها سلطت الضوء على إمكاناتها الهائلة، مما دفع إلى تبني نهج المصادر المفتوحة بشكل أوسع. فبفضل الشفافية وإمكانية الوصول، أصبح الابتكار أسرع من أي وقت مضى، مما يعيد تشكيل ديناميكيات المنافسة في الذكاء الاصطناعي.
يقول أرفيند جين، الرئيس التنفيذي لشركة Glean:”لطالما انتصرت البرمجيات مفتوحة المصدر في قطاع التكنولوجيا، ولا يمكن لأي شركة منافسة الزخم الذي يولده مشروع ناجح في هذا المجال.”
OpenAI تغير استراتيجيتها
في استجابة مباشرة لهذه التطورات، تراجعت OpenAI عن استراتيجيتها المتعلقة بالمصدر المغلق. ففي 31 يناير، أعلن الرئيس التنفيذي سام ألتمان “أعتقد أننا كنا على الجانب الخطأ من التاريخ هنا، ونحتاج إلى استراتيجية جديدة قائمة على المصادر المفتوحة.”
مستقبل الذكاء الاصطناعي في ظل هذه التغيرات
يجمع الخبراء على أن الجمع بين تقنية التقطير والمصادر المفتوحة سيؤدي إلى تغيير جذري في مشهد الذكاء الاصطناعي. فبينما يتيح هذا التطور فرصًا هائلة للابتكار والمنافسة، فإنه قد يطرح أيضًا تحديات جديدة تتعلق بالأمان والأخلاقيات.