إشارة فضائية غريبة تعود للحياة كل ساعتين.. والعلماء يكشفون السر

كريترنيوز/ متابعات /وكالات
تمكن علماء الفلك أخيرًا من فك لغز إشارة الراديو الغامضة التي تتكرر كل ساعتين، والتي كانت محيرة للعلماء منذ اكتشافها العام الماضي، وتتبع الفريق البحثي مصدر الإشارة إلى نظام نجمي ثنائي غريب يتكون من نجم ميت (قزم أبيض) ونجم قزم أحمر مرافق.
تم رصد هذه النبضات الراديوية لأول مرة قبل عقد من الزمن، حيث جاءت من اتجاه كوكبة الدب الأكبر. وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن سبب هذه الإشارات المتكررة هو التفاعل بين المجالات المغناطيسية للقزم الأبيض ورفيقه القزم الأحمر في هذا النظام الثنائي الضيق، المعروف باسم ILTJ1101.
في السابق، كانت الانفجارات الراديوية طويلة الأمد تُعزى فقط إلى النجوم النيوترونية، مما يجعل هذا الاكتشاف بمثابة إضافة جديدة لفهم أصول هذه الظواهر.
وقال تشارلز كيلباتريك، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة نورث وسترن وعضو الفريق البحثي: “هناك العديد من النجوم النيوترونية شديدة المغناطيسية المعروفة بإصدار نبضات راديوية، لكننا الآن نعلم أن بعض الموجات الراديوية العابرة طويلة الأمد تأتي من أنظمة نجمية ثنائية. نأمل أن يحفز هذا الاكتشاف علماء الفلك على اكتشاف فئات جديدة من المصادر الراديوية.”
اكتشاف الإشارة
اكتشفت قائدة الفريق، إيريس دي رويتر من جامعة سيدني في أستراليا، الإشارة لأول مرة عام 2024 أثناء تحليلها لبيانات أرشيفية جمعها تلسكوب LOFAR، وهو أكبر تلسكوب راديوي يعمل بأدنى ترددات يمكن رصدها من الأرض. ظهرت النبضة لأول مرة في بيانات LOFAR عام 2015، وبعد ذلك عثرت دي رويتر على ست نبضات أخرى من المصدر نفسه.
تستمر هذه الومضات الراديوية من بضع ثوانٍ إلى بضع دقائق، وتتكرر بانتظام كل ساعتين. وعلى الرغم من تشابهها مع ظاهرة “الانفجارات الراديوية السريعة” (FRBs)، إلا أنها تختلف في مدتها وطاقتها.
وأوضح كيلباتريك: “النبضات الراديوية تشبه الانفجارات الراديوية السريعة، لكنها تستمر لوقت أطول وطاقتها أقل بكثير.”
مصدر النبضات
للتأكد من مصدر هذه النبضات، استخدم الفريق مرصد التلسكوب المتعدد المرايا (MMT) في أريزونا ومرصد ماكدونالد في تكساس. كشفت التحقيقات أن مصدر النبضات هو نظام نجمي ثنائي يبعد حوالي 1600 سنة ضوئية عن الأرض، حيث يدور نجمان حول بعضهما البعض كل 125.5 دقيقة.
وباستخدام تقنيات متقدمة، تمكن الباحثون من دراسة النظام بشكل أعمق، واكتشفوا أن القزم الأبيض يجذب رفيقه القزم الأحمر مغناطيسيًا، ما يتسبب في حركة اهتزازية للقزم الأحمر.
وقال كيلباتريك: “الخطوط الطيفية في البيانات أظهرت أن القزم الأحمر يتحرك ذهابًا وإيابًا بسرعة كبيرة، مما يؤكد وجوده في نظام ثنائي”.
تأكيد طبيعة القزم الأبيض
من خلال تحليل حركة النظام، تمكن الفريق من تحديد كتلة الرفيق الخافت، والذي تبين أنه قزم أبيض، وهو بقايا نجمية تتشكل عندما يصل نجم شبيه بالشمس إلى نهاية حياته وينهار. وأضاف كيلباتريك: “كتلة القزم الأبيض وخفته الشديدة تؤكد أنه قزم أبيض، مما يقدم أول دليل مباشر على أنظمة النجوم الثنائية التي تنتج ظواهر راديوية عابرة طويلة الأمد”.
خطط مستقبلية
يخطط علماء الفلك الآن لدراسة انبعاثات الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة من النظام ILTJ1101، مما قد يكشف عن درجة حرارة القزم الأبيض ومزيد من التفاصيل حول هذه الأنظمة الثنائية. وقالت دي رويتر: “كان من الرائع إضافة أجزاء جديدة إلى اللغز. لقد عملنا مع خبراء من مختلف التخصصات الفلكية، وباستخدام تقنيات متعددة، اقتربنا تدريجيًا من الحل.”
يُعتقد أن هذا الاكتشاف قد يفتح الباب أمام فهم أعمق للظواهر الراديوية في الكون، وربما يؤدي إلى اكتشاف فئات جديدة من النجوم الثنائية التي تنتج إشارات راديوية غامضة.