تكنولوجيا

لم تعد مجرد أدوات للاتصال.. كيف تتنبأ الهواتف المحمولة بالصحة العقلية؟

كريترنيوز/ متابعات /السيد محمود المتولي

 

تشير دراسة حديثة إلى أن الهواتف الذكية قد تصبح أداة رصد مبكرة لمشكلات الصحة النفسية، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات أخرى، قبل أن يلاحظها الشخص نفسه، إذ يمكن لأجهزة الاستشعار المدمجة في الهواتف جمع بيانات يومية عن السلوكيات الروتينية التي تعكس مؤشرات دقيقة للصحة العقلية.

هذه البيانات التي يتم جمعها من الهواتف الذكية قد تكون خطوة كبيرة نحو توفير تقييم أكثر واقعية واستمرارية لحالة المرضى، بدلاً من الاعتماد على الاستبيانات الذاتية التي قد يغفل الأشخاص عن الإجابة عليها بدقة حيث يمكن للتقنيات الحديثة أن تلتقط مؤشرات سلوكية بدون تدخل المستخدم، وهو ما يسميه الباحثون “الاستشعار السلبي” وفق موقع jamanetwork.

في 3 يوليو نشرت دراسة في مجلة JAMA Network Open، سلطت الضوء على قدرة بيانات الهواتف على التنبؤ بمجموعة واسعة من أعراض الصحة النفسية، بما في ذلك اضطراب القلق العام، اضطرابات الشخصية، وحتى الأعراض التي لا تنتمي إلى أي تصنيف محدد.

ركز الباحثون على ما يُعرف بـ”عامل الاحتمالية” أو p-factor، وهو مؤشر عام يشترك في جميع اضطرابات الصحة النفسية، يمثل المساحة المشتركة بين الأعراض المختلفة.

خطوة مهمة

 

قال كولين إي. فايز، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة بيتسبرغ والمشارك في الدراسة: “قد تمثل هذه البيانات خطوة مهمة، لكنها لا تزال في بداياتها، هناك حاجة لمزيد من العمل قبل أن نتمكن من استخدامها سريرياً في تقييم المرضى وعلاجهم”.

وأضاف: “في الوقت الحالي، يمكن لهذه البيانات أن تمنح الأطباء صورة أكثر دقة عن حياة مرضاهم اليومية بين الزيارات، مما يعزز القدرة على تقييم الأعراض التي قد لا يتم الإبلاغ عنها في الاستبيانات التقليدية”.

قاد فريق البحث ويتني رينجوالد، الباحثة في جامعة مينيسوتا، بالتعاون مع البروفيسور السابق أيدن رايت وطلابهما، استخدم الفريق أدوات تحليل متقدمة لربط البيانات المستشعرة من الهواتف بالأنماط السلوكية المرتبطة بالصحة النفسية، بما في ذلك مدة البقاء في المنزل، المسافات المقطوعة يومياً، وقت الشاشة، عدد المكالمات، حالة البطارية، ووقت النوم.

وأظهرت النتائج أن هذه البيانات يمكن أن تتنبأ ليس فقط بأعراض اضطرابات محددة، بل بعلامات مشتركة بين العديد من اضطرابات الصحة العقلية.

وأوضح فايز: “هذا أمر مهم لأن الأعراض غالباً ما تتداخل بين الاضطرابات المختلفة، ويمكن أن يظهر المرضى المصابون بنفس الاضطراب بشكل مختلف تماماً”.

تحذير

يشير فايز إلى أن “الغرض من هذه البيانات ليس استبدال الطبيب، بل توفير أداة إضافية في صندوق أدوات الرعاية السريرية لأنها تعزز القدرة على رصد الحالة الصحية النفسية، لكنها لا يمكن أن تحل محل التقييم المهني والعلاج النفسي المباشر”.

إضافة إلى ذلك، لا تزال التقنية حالياً تركز على المتوسطات العامة، وليست مخصصة لتقديم تشخيصات فردية دقيقة، فالسلوكيات النفسية تختلف بشكل كبير بين الأفراد، وقد تكون بعض التحليلات أكثر دقة لبعض الأشخاص مقارنة بالآخرين.

إن الهواتف الذكية لم تعد مجرد أدوات للاتصال والترفيه، بل بدأت تلعب دوراً محورياً في مراقبة الصحة العقلية، من خلال الاستشعار السلبي، قد تتمكن هذه الأجهزة من اكتشاف علامات مبكرة للاضطرابات النفسية، مما يوفر للباحثين والأطباء نافذة جديدة لفهم المرضى ودعمهم بشكل أفضل

زر الذهاب إلى الأعلى