تكنولوجيا

بعد 50 عاماً من السكون.. كيف نهض “القمر الزومبي” من سباته؟

كريترنيوز / رضا أبوالعينين

في واقعة نادرة تثير الدهشة، عاد القمر الصناعي الأمريكي LES-1 إلى إرسال إشارات من الفضاء بعد أكثر من خمسين عاماً على فقدانه، ليُصنف اليوم كأحد أكثر القصص غرابة في تاريخ استكشاف الفضاء، فقد أُطلق القمر عام 1965 ضمن مشروع مشترك بين سلاح الجو الأمريكي ومختبر لينكولن التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، قبل أن يصمت تماماً منذ عام 1967 إثر فشلٍ تقني أعاق وصوله إلى مداره المقرر.
بدأت القصة عام 1963، حين أطلق مختبر لينكولن برنامجاً طموحاً لتطوير أنظمة الاتصالات العسكرية عبر الأقمار الصناعية تحت اسم مشروع “ويست فورد”، الذي أسفر عن سلسلة الأقمار التجريبية LES. وكان LES-1 أول هذه السلسلة، إذ صُمم لاختبار إمكانات الاتصال عبر الترددات العالية في الفضاء، إلا أن خللاً في توصيل الدوائر الكهربائية الخاصة بنظام الدفع أدى إلى انحراف القمر عن مساره، فتوقفت أنظمته بعد عامين فقط من إطلاقه، ومع مرور الوقت، اعتُبر القمر مجرد خردة فضائية تدور بلا فائدة في مدار الأرض، وفقا لموقع dailygalaxy.
لكن في عام 2013، رصد عالم الفلك الراديوي البريطاني فيل ويليامز إشارة غامضة مصدرها الفضاء، ليتبين لاحقاً أنها قادمة من LES-1 نفسه، وقال ويليامز إن الإشارة كانت ذات طابع “شبحـي”، إذ تتذبذب قوتها كل أربع ثوانٍ نتيجة دوران القمر حول محوره، ما يجعل ألواحه الشمسية تتعرض للشمس بشكل متقطع، فتتغيّر شدّة التيار الكهربائي الذي يغذي جهاز الإرسال.

هذه العودة غير المتوقعة دفعت فريقاً من مختبر لينكولن إلى إعادة تتبع القمر، وتسجيل إشاراته كلما مرّ فوق المختبر الذي صُمم فيه قبل عقود. وقد أطلق العلماء عليه لقب “القمر الزومبي”، لقدرته على “العودة إلى الحياة” بعد عقود من السكون التام.
ولا يزال السبب وراء هذه الظاهرة لغزاً علمياً، لكن التفسير الأرجح يشير إلى حدوث قصر كهربائي داخلي نتيجة تحلل البطاريات أو المكونات الإلكترونية، ما سمح للطاقة المولّدة من الألواح الشمسية بالوصول مباشرة إلى المرسِل وتشغيله مجدداً.
ويقول نافيد يزداني، رئيس مجموعة أنظمة الاتصالات الفضائية المتقدمة في مختبر لينكولن، إن “LES-1″ أحد أقدم الأقمار الصناعية في الفضاء، ورؤيته لا يزال يبث إشارات بعد كل هذه السنين أمر مذهل”.
قصة LES-1 لا تمثل مجرد حادثة غريبة، بل تعتبر تذكيراً بمتانة التكنولوجيا المبكرة وقدرتها على الصمود رغم الزمن والبيئة القاسية للفضاء، كما تُعد رمزاً لجذور تطور الاتصالات الفضائية التي مهّدت لعصر الأقمار الحديثة.

زر الذهاب إلى الأعلى