ناسا تكشف الوجه المظلم.. ماذا يحدث لجسم الإنسان على المريخ؟

كريترنيوز /متابعات /رضا أبوالعينين
كشفت دراسة جديدة أجرتها وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” أن إرسال البشر إلى كوكب المريخ لن يكون مجرد إنجازٍ تقني، بل معركة بيولوجية خطيرة قد تضع حدوداً لقدرة الإنسان على البقاء خارج كوكبه الأم، فوفقاً لعلماء وأطبّاء الوكالة، فإن الرحلات الفضائية الطويلة تغيّر جذرياً في تكوين الجسم البشري، بدءاً من العظام والعضلات ووصولاً إلى القلب والحمض النووي.
ويقول الخبراء إن الرحلة إلى المريخ، التي قد تستغرق بين ستة وتسعة أشهر، تمثّل اختباراً غير مسبوقٍ للجسد والعقل معاً، فبيئة الفضاء الخالية من الجاذبية تُحدث سلسلة من التغيّرات الخطيرة، أهمها أن العظام تفقد نحو 1٪ من كثافتها شهرياً، أي أسرع بعشر مرات من معدّل هشاشة العظام لدى كبار السن على الأرض، بينما تبدأ العضلات، خصوصاً في الساقين والظهر، بالضمور نتيجة انعدام الحاجة إلى الدعم أو الحركة.
كما يتأثر القلب سلباً بانعدام الجاذبية، إذ يفقد حجمه تدريجياً بسبب انخفاض الضغط المطلوب لضخّ الدم، وفقا لما نشره موقع interestingengineering.
ويشير باحثو “ناسا” إلى أن توزيع السوائل في الجسم يتغيّر أيضاً، فبدلاً من انجذابها إلى الأطراف السفلية كما على الأرض، تتجه نحو الرأس، ما يؤدي إلى انتفاخ الوجه واضطراباتٍ في الرؤية قد تكون دائمة.
ولا يتوقف الخطر عند الجهاز العضلي أو القلبي، بل يمتد إلى المستوى الخلوي، فقد أظهرت مقارنة أجريت على التوأمين رائدي الفضاء سكوت ومارك كيلي أن البقاء في الفضاء لفترات طويلة يغيّر التعبير الجيني المتعلق بإصلاح الحمض النووي والمناعة. كما أن التعرض المستمر للإشعاع الكوني يرفع خطر الإصابة بالسرطان وأمراض المناعة الذاتية.
ولمواجهة هذه التحديات، تعتمد “ناسا” على برنامج تمرينات صارم، حيث يقضي الرواد أكثر من ساعتين يومياً في تمارين تحاكي الجاذبية باستخدام أجهزة مخصّصة. كما يجري تطوير تقنيات جديدة تشمل التحفيز الكهربائي للعضلات، وأدوية لتقليل تآكل العظام، وحتى أنظمة “جاذبية اصطناعية” عبر دوران المركبة لتوليد قوة طردٍ مركزي تحافظ على الكتلة العضلية.
لكن التهديد الأكبر يبقى الإشعاع الفضائي، إذ لا يتمتع المريخ بدرعٍ مغناطيسي مثل الأرض. وتشير “ناسا” إلى أن أي عاصفة شمسية قد تكون قاتلة إن لم يجد الرواد مأوى محصناً خلال ساعات. أما العزلة النفسية، فتشكّل تحدياً آخر، إذ ستتأخر الاتصالات مع الأرض بنحو 40 دقيقة، ما يفرض على الطاقم الاعتماد الكامل على نفسه طبياً ونفسياً.
ورغم هذه الصعوبات، تؤكد “ناسا” وشركات الفضاء الخاصة أن حلم الوصول إلى المريخ ما زال قائماً، وأن كل تجربة على محطة الفضاء الدولية تقرّب البشرية من تحقيقه، إلا أن الطريق إلى الكوكب الأحمر لن يكون مجرّد قفزة نحو المستقبل، بل أعظم اختبارٍ لقدرة الإنسان على الصمود خارج موطنه الأول.