ألماس ومرايا وحمم.. أغرب الكواكب في الكون

كريترنيوز/ متابعات /وائل زكير
هل تخيلت يوماً كوكباً يعكس ضوء نجمه كما تعكس المرآة وجهك؟ أو عالما تحيط به بحار من الحمم، بينما يغرق جانبه الآخر في ظلام أبدي؟ اكتشافات الفلكيين في العقود الأخيرة جعلت الخيال العلمي يبدو متواضعًا أمام غرائب الكون الحقيقي. حتى الآن، تم رصد أكثر من 6 آلاف كوكب خارجي خارج نظامنا الشمسي، كل واحد منها يروي قصة مختلفة عن طبيعة هذا الكون اللامتناهية.
الكوكب اللامع كالمرآة
أحد أغرب هذه العوالم هو LTT 9779 b، الذي يعكس نحو 80% من ضوء نجمه، أي أكثر من أي كوكب معروف حتى الآن. العلماء وصفوه بأنه “أشبه بمرآة فضائية ضخمة”، إذ يغطي سطحه غلاف من السحب المعدنية اللامعة، تتكوّن من جسيمات من التيتانيوم والسيليكات.
لكن الجمال قاتل، فدرجة الحرارة على سطحه تتجاوز 1700 درجة مئوية، وهي كافية لإذابة المعادن والزجاج. في هذا الجحيم العاكس، لا يمكن أن توجد أي حياة كما نعرفها.
كواكب الحمم المنصهرة
إذا انتقلنا إلى كوكب CoRoT-7b، نجد أنفسنا أمام عالم أكثر جنونا.
هذا الكوكب يُعد من فئة “الأرض الفائقة”، أي أكبر من الأرض بنحو مرتين، لكنه يدور حول نجمه بمسافة قريبة جدا لدرجة أن سنة واحدة فيه لا تتجاوز 20 ساعة. النتيجة؟ جانب مضيء تصل حرارته إلى أكثر من 2500 درجة مئوية، وجانب مظلم بارد تقريبًا.
يعتقد العلماء أن سطحه عبارة عن محيط من الصخور المنصهرة، ومع كل دورة له تتجمد الحمم جزئيًا لتتحول إلى جبال من الزجاج والبازلت. تخيل سماءً تمطر فيها قطرات من الحمم بدل المطر العادي!
كواكب الظلام الأبدي
في المقابل، توجد عوالم لا تعرف الضوء أبدا. أحدها CoRoT-2b، وهو كوكب عملاق غازي من فئة “المشتري الساخن”.
يدور الكوكب قريبا جدا من نجمه، ما يجعله مرتبطًا بجاذبيته بحيث يبقى وجه واحد مواجهًا للنجم دائمًا، كما يفعل القمر مع الأرض.
النتيجة أن نصف الكوكب يعيش في نهار دائم والنصف الآخر في ليل سرمدي، مع رياح عنيفة تحمل الغازات الساخنة من الجانب المضيء إلى المظلم بسرعة قد تتجاوز 7000 كيلومتر في الساعة.
كوكب الألماس
أحد أغرب الاكتشافات هو كوكب PSR J1719-1438 b، الذي يعتقد العلماء أنه مكوَّن من الألماس.
يدور هذا الكوكب حول نجم نيوتروني، أي بقايا نجم ضخم انهار على نفسه. الكثافة الهائلة للكوكب تشير إلى أنه يتكوّن من كربون متبلور تحت ضغط هائل، ما يجعله، من الناحية النظرية، كتلة ماسية بحجم كوكب.
لكن رغم جماله الفلكي، هو في بيئة إشعاعية قاتلة، حيث يطلق النجم النيوتروني نبضات إشعاعية كل بضعة أجزاء من الثانية، ما يجعل أي اقتراب منه مستحيلًا.
كواكب مضغوطة بالجاذبية
كوكبا WASP-12b وWASP-103b مثالان آخران على تأثير الجاذبية الشديدة.
يدوران قريبا جدا من نجميهما، لدرجة أن قوى الجاذبية جعلت شكلهما مفلطحا مثل كرة الرجبي.
في حالة WASP-12b، بدأ النجم يمتص الغلاف الجوي للكوكب، في مشهد يشبه بلع نجم لابنه الغازي، مما يمنح العلماء فرصة نادرة لدراسة كيف تتغير الكواكب وتتأثر بالجاذبية القوية.
تنوع الكون بلا حدود
رغم غرابة هذه الأمثلة، يؤكد الباحثون أن ما نراه الآن ليس سوى قطرة في محيط الكون. كل سنة تُكتشف عشرات الكواكب الجديدة، تختلف في أحجامها وتركيباتها ومداراتها، مما يجعل فهمنا للأنظمة الكوكبية يتغير باستمرار.
العالم الفلكي ألفريدو كاربينيتي يقول: كل كوكب نكتشفه يعلّمنا أن الكون أكثر تنوعا ودهشة مما كنا نتصور. لو وُجد كوكب مثل الأرض مرة أخرى، فسيكون حتمًا في مكان غير متوقع”.
عظمة الخالق
ما كان يوما مجرد خيال علمي أصبح حقيقة علمية موثقة. التلسكوبات الحديثة، مثل جيمس ويب، تفتح نافذة جديدة على هذه الأكوان البعيدة، كاشفة عن ألوان غريبة وغلافات جوية مليئة بالمعادن، في مشهد يذكّر بعظمة الخالق وقدرته على خلق ما لا يُحصى من العوالم.
هذه الاكتشافات تذكّرنا بأن الأرض، رغم صغرها، واحة نادرة في فضاء يعج بالمخاطر والعجائب، دليل على حكمة الباري وإبداعه في ترتيب الأكوان. كل مرة ننظر فيها للسماء، نحن لا نرى مجرد نجوم، بل عوالم قد تكون أجمل أو أكثر رعبا مما يمكن أن يتصوره الإنسان، شاهدة على قدرة الله المطلقة في الخلق والتدبير.