الذكاء الاصطناعي يفك شفرة النجوم المتفجرة بـ15 ومضة فقط

كريترنيوز/ متابعات /عماد الدين إبراهيم
في تحول جذري يعيد تعريف مستقبل المسوح الفلكية، كشفت دراسة حديثة عن إمكانات نموذج ذكاء اصطناعي متعدد الأوضاع في تحديد الأحداث الكونية النادرة، مثل النجوم المتفجرة (المستعرات العظمى)، باستخدام كمية ضئيلة من بيانات التدريب. هذا الإنجاز، الذي قاده باحثون من جامعة أكسفورد بالتعاون مع Google Cloud، يمثل نقطة تحول من خوارزميات «الصندوق الأسود» المعقدة إلى شراكة علمية شفافة ومسرّعة.
جوع البيانات
لطالما اعتمدت نماذج التعلم الآلي التقليدية في مجال الفلك على ملايين الأمثلة المصنفة لتدريبها على التمييز بين الإشارة الكونية الحقيقية والتشوهات البصرية. لكن الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة Nature Astronomy، أظهرت أن نماذج اللغات الكبيرة (LLMs) ذات الأغراض العامة، وتحديداً نموذج Gemini من جوجل، يمكن تحويلها إلى خبراء فلكيين من خلال إعطائها 15 مثالاً فقط من الصور المشروحة لكل مسح فلكي رئيس (مثل ATLAS وMeerLICHT وPan-STARRS).
لقد حقق النظام دقة تصنيف بلغت حوالي 93% في تحديد الأحداث الكونية الحقيقية (كالنجوم المتفجرة والثقوب السوداء التي تلتهم الأجسام العابرة) وتمييزها عن «الضوضاء» أو التشوهات الناتجة عن أجهزة التصوير.
الشفافية والثقة
إن الإنجاز الأهم في هذا النموذج لا يكمن في دقة التصنيف فحسب، بل في قدرته على شرح منطق قراره باللغة العادية فلكل تصنيف يقوم به، يقدّم نموذج الذكاء الاصطناعي وصفاً موجزاً ومفهوماً للكيفية التي توصل بها إلى الحكم، معتمداً على ميزات مثل ما يراه في الصورة الجديدة للموقع وما يراه في الصورة المرجعية القديمة لنفس بقعة السماء.
هذا التطور يحل المشكلة المركزية لأنظمة الذكاء الاصطناعي السابقة، التي كانت بمثابة «صناديق سوداء» تصدر قراراتها دون تقديم
أدلة واضحة
أظهر الباحثون إمكانية استخدام الشفافية التي يقدمها النموذج لتحسين أدائه بسرعة. حيث قاموا بتجميع لجنة من 12 فلكياً محترفاً لتقييم تفسيرات الذكاء الاصطناعي. وعندما حددوا الحالات التي كانت فيها تفسيرات الذكاء الاصطناعي أقل ترابطاً (ما يدل على انخفاض ثقة النظام)، أضافوا عدداً صغيراً من هذه الأمثلة الصعبة إلى مجموعة التدريب.
من خلال هذه الحلقة التكرارية للتعاون بين الإنسان والآلة، تمكن الفريق من رفع دقة النموذج على مجموعة بيانات MeerLICHT من حوالي 93.4% إلى 96.7%. هذا يرسخ نموذجاً جديداً حيث يصبح الذكاء الاصطناعي شريكاً علمياً شفافاً بدلاً من أن يكون مجرد أداة تصنيف غير قابلة للمساءلة.
مستقبل المسح الفلكي
يأتي هذا الإنجاز في وقت يواجه فيه الفلكيون تدفقاً هائلاً وغير مسبوق للبيانات من مسوح السماء الحديثة، مثل تلسكوب فيرا روبين القادم. في هذا العصر، أصبحت القدرة على فلترة آلاف التنبيهات يومياً لتحديد الأحداث النادرة والحرجة هي التحدي الأكبر.