من لندن إلى نيويورك في 4 ساعات.. ناسا تطلق الطائرة الأسرع من الصوت

كريترنيوز/ متابعات /وائل زكير
بعد ما يقرب من عقد من العمل والتطوير، دخلت صناعة الطيران عصرا جديدا مع نجاح الطائرة الأسرع من الصوت الهادئة X-59 – التي تلقب بـ«ابن كونكورد» – في إكمال رحلتها التجريبية الأولى بنجاح.
انطلقت الطائرة البالغ طولها 100 قدم وتكلفتها نحو 247 مليون دولار من مطار بالمديل الإقليمي في كاليفورنيا، في تمام الساعة 10:15 صباحًا بالتوقيت الشرقي يوم الثلاثاء، قبل أن تهبط بسلام في مركز أرمسترونغ لأبحاث الطيران التابع لوكالة ناسا بعد نحو ساعة من الطيران.
وصُممت الطائرة، التي طوّرتها شركة لوكهيد مارتن لصالح وكالة ناسا، لتمهيد الطريق نحو السفر الجوي التجاري الأسرع من الصوت بسرعات تصل إلى 925 ميلًا في الساعة، أي ما يسمح بالانتقال من لندن إلى نيويورك في أقل من أربع ساعات.
ورغم أن الرحلة الأولى بلغت سرعة 230 ميلًا في الساعة فقط، إلا أنها تمثل إنجازًا ضخمًا يفتح الباب أمام ثورة جديدة في النقل الجوي.
قال “أوجي سانشيز”، نائب الرئيس والمدير العام لقسم Skunk Works في لوكهيد مارتن: “نحن فخورون بهذا الإنجاز الذي يبرهن على ابتكار وخبرة فريقنا المشترك، ويمهد الطريق لمستقبل أسرع وأهدأ للطيران.”
تتميز X-59 بتصميمها الفريد؛ إذ يمتد أنفها الرفيع والمدبب ليشكل ثلث الطائرة تقريبًا، وهو ما يساعد على تفكيك موجات الصدمة وتقليل «الانفجار الصوتي» الذي كان يمثل العائق الأكبر أمام طيران الكونكورد قبل عقود، وفقا لصحيفة “ديلي ميل ” البريطانية.
ولأن تصميم الطائرة غير تقليدي، فإن قمرة القيادة تقع في منتصف جسم الطائرة ولا تحتوي على نافذة أمامية، بل تعتمد على نظام رؤية خارجية عالي الدقة (eXternal Vision System) يستخدم كاميرات 4K لعرض المشهد أمام الطيار.
وتخطط ناسا لاحقاً لتحليق الطائرة فوق عدد من المدن الأمريكية لجمع بيانات حول مستوى الضوضاء وردود فعل السكان، بهدف تقديمها إلى إدارة الطيران الفيدرالية لتحديث القوانين التي تحظر منذ خمسين عامًا الطيران الأسرع من الصوت فوق الأراضي الأمريكية.
وعلق “شون ديفي”، وزير النقل والقائم بأعمال مدير وكالة ناسا، قائلاً: “هذه الطائرة رمز للإبداع الأمريكي. إنها تجسد روحنا التي لا تعرف حدودًا، وقد تغيّر الطريقة التي يسافر بها العالم.”
يُذكر أن طائرة كونكورد، التي توقفت عن العمل عام 2003، كانت أول طائرة ركاب تفوق سرعتها سرعة الصوت، لكنها واجهت مشاكل تتعلق بالضجيج والتكلفة. أما الآن، فبفضل تقنيات X-59، يبدو أن حلم العودة إلى السفر الجوي الأسرع من الصوت يقترب من التحقق مجددًا – ولكن هذه المرة بصوت أهدأ وأداء أكثر كفاءة.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الصين على تطوير طائرتها «يونشينغ» الأسرع بثلاثة أضعاف، تستعد شركات مثل Boom Supersonic الأمريكية لإطلاق طائراتها «أوفرتشر» بحلول عام 2029، ما يجعل سباق الطيران الأسرع من الصوت يشتعل من جديد.
أكثر من مجرد السرعة
تركز طائرة X-59 على تهدئة السفر الأسرع من الصوت، إلا أن فوائدها المحتملة تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد تقليل الضوضاء. هذه التقنية الحديثة تحمل إمكانات كبيرة للصناعات التي تعتمد على النقل السريع، وخاصة في مجالات الإغاثة، النقل الطبي، والاستخدامات العسكرية، حيث تُمكّن الطائرة من السفر بسرعة غير مسبوقة مع تقليل التأثير على السكان.
تخيل حالة طوارئ طبية تتطلب تدخلًا سريعًا، حيث كل ثانية تحسب. بفضل قدرات X-59 على الطيران بسرعات تفوق الصوت دون إزعاج، يُمكن نقل الإمدادات والكوادر الطبية إلى مناطق الأزمات بشكل أسرع بكثير مما تسمح به الطائرات التقليدية. وبالمثل، يُمكن لتقنيات الطائرة تسريع نشر المساعدات في المناطق المنكوبة، مما يقلل أوقات الاستجابة ويُنقذ الأرواح.
على الصعيد العسكري، قد توفر هذه التقنية قدرات محسّنة للانتشار السريع والاستطلاع. في العمليات التي تتطلب سرعة ودقة عالية، تمنح سرعات X-59 الأسرع من الصوت، مع مستويات ضوضاء منخفضة، مزايا تفوق بكثير الطائرات التقليدية.
إذا نجحت طائرة X-59، فقد تُمهّد الطريق لعصر جديد في السفر الجوي التجاري. حاليًا، تُحظر الرحلات الأسرع من الصوت فوق اليابسة بسبب الانفجارات الصوتية المزعجة. لكن بإثبات إمكانية السفر بسرعات فائقة دون إزعاج، قد تُرفع هذه القيود، مما يتيح رحلات تجارية أسرع من أي وقت مضى. هذا الإنجاز سيكون له أثر عميق على قطاع الطيران، خصوصًا الرحلات الطويلة.
 
				