منوعات

الصين.. مطالب بملايين المصاعد للتعامل مع زيادة معدلات الشيخوخة

كريترنيوز /منوعات

تواجه الصين تحدياً متزايداً في توفير التمويل اللازم لتجديد مئات الآلاف من المباني السكنية القديمة، في ظل تسارع زيادة معدلات الشيخوخة بين سكانها وتراجع الموارد المالية المحلية، مما يزيد من صعوبة توفير الدعم اللازم لكبار السن.

وكانت الصين شهدت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، هجرة واسعة النطاق من الريف إلى المدن، حيث تدفق ملايين الأشخاص للمساهمة في دفع عجلة التصنيع المتسارعة. وقد وفرت الحكومة آنذاك مساكن بسيطة، مستوحاة من النمط السوفييتي، لاستيعاب هذا التدفق الهائل من القوى العاملة.

وبعد مرور عقود، يجد هؤلاء المهاجرون المسنون أنفسهم في وضعٍ صعب نتيجة أزمة سوق العقارات وتراجع القدرة المالية للحكومة، مما حال دون انتقالهم إلى شققٍ حديثة، وجعلهم يواجهون صعوباتٍ كبيرة في العيش بمساكنهم القديمة.

وبالنسبة إلى لي، التي تبلغ من العمر 71 عاماً، فسيكون وجود مصعد بعمارتها السكنية المكونة من ستة طوابق في بكين هو الأمل الوحيد لجعل حياتها أكثر يسراً. وقالت، بينما تشير إلى ساقيها: «نحن بحاجة إلى ذلك. لكن كثيراً من المسنين ليس بمقدورهم تحمل تكلفته».

وتنفذ الصين برنامجاً ضخماً لتحديث البنايات السكنية القديمة، لكن يظل دفع مقابل هذه المصاعد مشكلة كبيرة على طاولة المفاوضات. وبصفة عامة، هناك خطة لتركيب مليوني مصعد ضمن إطار 8 مليارات متر مكعب من البنايات السكنية المشيدة بين عامي 1980 و2000، بحسب الهيئة المنظمة للإسكان.

وأحاطت بجهود تركيب المصاعد، التي روجت لها السلطات في بادئ الأمر في عام 2018، نزاعات حيال من سيدفع مقابل تركيبها. وتقدم السلطات إعانات جزئية، وتدفع المستأجرين إلى تحمل بقية التكاليف. لكن لم تعد لدى السلطات أموال كافية، في ضوء انهيار مبيعات الأراضي، والتي تعد مصدراً حاسماً لإيرادات الحكومات المحلية، وكذلك في ظل التباطؤ الاقتصادي الأوسع. لذلك، وعلى المستوى الوطني، لم تركب السلطات سوى 36.000 مصعد في العام الماضي.

وفي شنتشن، عرضت الحكومات المحلية دفع ما يصل إلى 40% من التكاليف، لكن لا يزال السكان يواجهون صعوبة في التوصل إلى اتفاق بشأن دفع المقابل. وفي بعض الحالات، كان السكان في الطوابق السفلية يرفضون المشاركة في دفع مقابل المصاعد لجيرانهم القاطنين في الطوابق الأعلى. واشتكى آخرون من أن تركيب المصاعد سيقلص من المساحة المخصصة لوقوف السيارات.

وأوضحت لي لينغ، البالغة من العمر 67 عاماً وتعيش في الطابق الرابع بمبنى سكني مكون من ستة طوابق في وسط شنغهاي: «فقدت الأمل في محاولة إقناع تشيوي التي تسكن الطابق الثاني بقبول فكرة تركيب مصعد»، وتابعت: «لم تعل أصواتنا قط في أي نقاش، ولا أريد أن أفسد علاقتنا بعد كل هذه السنين بسبب هذا الأمر».

وسمحت بعض السلطات المحلية، في العام الماضي، بتركيب المصاعد، حتى دون موافقة قاطني كل الطوابق. وفي شنغهاي وبكين، يمكن للسكان سحب الأموال من صندوق الإسكان المخصص لشراء المنازل وتجديدها، بهدف تركيب المصاعد.

وبصفة عامة، تشهد البلاد تقدماً بطيئاً في هذا الصدد. وفي شنغهاي، يحتاج أكثر من 250.000 مبنى لتركيب المصاعد، بحسب تقديرات رسمية. ومع ذلك، وفي عام 2023، أنجزت المدينة تركيب 3.001 مصعد فقط، وهو رقم يتخطى المصاعد التي تم تركيبها في العام السابق برقم طفيف.

وأفادت بعض الشركات المتخصصة في تصنيع المصاعد، بأنها ستغطي تكاليف الأعمال، ثم ستحصل على الأموال من السكان في وقت لاحق. وتفرض المصاعد، المجهزة بأجهزة مسح للوجه، على السكان ما يتراوح بين 0.20 و0.85 يوان صيني لكل مرة، ما يعادل 0.03 و0.12 دولار أمريكي. وانتهت «شينزو تونغلي إليفيتور»، من تركيب 200 من هذه النوعية من المصاعد في شنتشن، وتتوقع استعادة التكاليف في غضون 15 عاماً.

وذكر بينغ وي، المدير العام للشركة: «لدينا متطلبات محددة لمستوى الإعانات التي تقدمها الحكومات المحلية». وأضاف: «إذا كانت منخفضة للغاية، فإن ذلك يعني اضطرار الشركات إلى استثمار المزيد، وسنكون بحاجة إلى زيادة الرسوم على الرحلة الواحدة. وهذا ليس مستداماً بالنسبة لنا. لذا، بدأنا العمل في المقاطعات التي تقدم إعانات كافية تمكننا من مواصلة الأعمال».

وفي مجمع «غاوجيايوان» السكني شرقي بكين، الذي بني لإسكان عمال مصنع الإلكترونيات المملوك للدولة في تسعينيات القرن الماضي، لفت وانغ، البالغ من العمر 70 عاماً، إلى أن «المسنين لا يطلبون الكثير. فهم، في أعوامهم المتقدمة، لا يطلبون إلا العيش بأمان. وإن لم يكن بمقدورهم صعود الدرج أو نزوله، فما عساهم يفعلون؟».

المصدر: تشينغ لينغ – وينجي دينغ

زر الذهاب إلى الأعلى