منوعات

كيف نحل مشكلة الجوع في العالم؟

كريترنيوز متابعات / أنجانا أهوجا

من السهل أن نردد الإحصاء التالية: 60 مليون طفل دون الخامسة يعانون من توقف النمو حول العالم، لكن من الصعب أن نفكر في ما يعنيه ذلك حقاً.

وفي أغلب الأحيان يعني ذلك أن الطفل لا يحصل على ما يكفي من الطعام، أو أن طعامه يفتقر إلى العناصر الغذائية اللازمة للنمو الكامل. ورغم أننا نميل إلى ربط توقف النمو بقصر القامة، إلا أنه يعني أكثر من مجرد فقدان بضعة سنتيمترات بشكل لا رجعة فيه.

يمكن أن يؤدي سوء التغذية، ونقص التغذية في مرحلة الطفولة إلى آثار دائمة في مرحلة البلوغ، مثل انخفاض الإدراك، وزيادة القابلية للإصابة بالأمراض المزمنة.

ويعد سوء تغذية الأطفال أحد أهداف الرسالة المفتوحة، التي نشرت الأسبوع الماضي، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وتجادل الرسالة، التي نسق نشرها مؤسسة جائزة الغذاء العالمية، وبدعم من علماء مشهورين عالمياً، بأننا بدون قفزة كبيرة في البحث الزراعي، فإننا نتجه نحو أزمة في عام 2050.

وتنص الرسالة على أنه «لحل التناقض المأساوي بين العرض والطلب العالمي على الغذاء بحلول منتصف القرن يجب اتخاذ إجراءات حاسمة الآن».

وتدعو الرسالة إلى ثورة خضراء جديدة، تستفيد من الاختراقات في علم الأحياء والوراثة، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، لزيادة إنتاج الغذاء. ومع وجود ما يقدر بنحو 700 مليون شخص يعانون من الجوع اليوم، ونحو 1.5 مليار شخص إضافي بحاجة إلى الغذاء بحلول عام 2050، فإن هذه الدعوة تأتي في الوقت المناسب.

الأخبار الجيدة هي أن حل مشكلة الجوع يبدو ممكناً من الناحية العلمية، نظراً للأبحاث المبتكرة في جميع أنحاء العالم، أما الأخبار الأقل إرضاء فهي أن الأمر لن يكون مجرد نزهة بسيطة في حقل قمح.

سيتطلب ذلك تعزيز قبول الجمهور لتغييرات في المشهد الغذائي، بما في ذلك التقنيات المثيرة للجدل مثل المحاصيل المعدلة وراثياً، والكائنات الدقيقة المنتجة في المختبرات لاستخدامها في الوجبات. العقبة الأخرى هي معالجة إخفاقات السوق، حيث لا تتوافق الأهداف التجارية مع الاحتياجات الاجتماعية. على سبيل المثال الاستثمار في المحاصيل المحلية الصغيرة الحجم يمثل تحدياً نظراً لطبيعة الأعمال الزراعية الحديثة، التي تعتمد على محصول واحد لإطعام الجميع.

نتيجة لذلك، وباستعارة عنوان كتاب راج باتيل الصادر عام 2007 عن أنظمة الغذاء العالمية، فإننا «ممتلئون وجائعون» في الوقت نفسه، حيث ترتفع معدلات السمنة، وسوء التغذية بشكل متوازٍ، وحتى مع ارتفاع عدد سكان أفريقيا من المتوقع أن تنخفض إنتاجية الذرة في جميع أنحاء القارة، حيث تعتبر الذرة المحصول الرئيس. وتشير الرسالة إلى أن تغير المناخ والطقس القاسي يهددان الإنتاج، وأن «عوامل إضافية مثل تآكل التربة وتدهور الأراضي، وفقدان التنوع البيولوجي، ونقص المياه، والصراعات، والسياسات التي تقيد الابتكار، ستؤدي لمزيد من الانخفاض في إنتاجية المحاصيل».

وتدعو الرسالة إلى مبادرات طموحة، وهي تعزيز عملية التمثيل الضوئي في القمح والأرز، وتطوير حبوب يمكن زراعتها دون أسمدة، وزيادة العمر الافتراضي للفواكه والخضراوات، وتعزيز المحاصيل المهملة، بما في ذلك الأصناف المحلية، وإنشاء أطعمة جديدة من الكائنات الدقيقة والفطريات.

ومعظم الموقعين على الرسالة هم حائزون لجائزة نوبل: بما في ذلك الاقتصادي جوزيف ستيغليتز، والمشاركة في اختراع تقنية كريسبر لتعديل الجينات جينيفر دودنا، والكاتب النيجيري وول سوينكا، والدالاي لاما، ومن بين الموقعين أيضاً الحائزون جائزة الغذاء العالمية، وهي جائزة سنوية تبلغ قيمتها 500 ألف دولار، أسسها العالم الأمريكي نورمان بورلوج، الذي أسهمت أبحاثه على القمح في تحقيق المكسيك للاكتفاء الذاتي في الخمسينيات.

وقد بدأت الرسالة بمبادرة من كاري فاولر، الذي فاز بجائزة عام 2024 عن عمله على بنك البذور العالمي.

وعند نشر الرسالة أعاد الموقع ريتشارد جيه روبرتس، الحائز جائزة نوبل في الطب عام 1993، انتقاده للمنظمات المعارضة للمحاصيل المعدلة وراثياً مثل الأرز الذهبي.

وقال روبرتس الأسبوع الماضي، إن هذا الموقف ربما تكون تكلفته حياة ملايين الأطفال: «في الثلاثين عاماً الماضية لم يكن هناك تقرير واحد موثوق عن أي مشكلة، رغم أن ملايين الأطنان من المحاصيل المعدلة وراثياً قد تم زراعتها واستهلاكها حول العالم من قبل البشر والحيوانات».

وليست المحاصيل المعدلة وراثياً هي الحل الوحيد. يبحث مركز بيزوس للبروتين المستدام في إمبريال كوليدج لندن في الأطعمة الميكروبية، التي تنتجها الكائنات الدقيقة مثل الخميرة، ويمكن زراعة الأطعمة الميكروبية بسرعة وبشكل مستدام، دون الحاجة إلى الكثير من الأرض أو الماء. مشروع آخر تموله الحكومة الأمريكية، يساعد النساء المزارعات في بعض الدول الأفريقية على زراعة نسخ أكثر قوة من المحاصيل المحلية مثل القشطة والبامية.

وقد ساعدت المحاصيل المحسنة بعضهن في دفع رسوم تعليم أطفالهن.

ليس من المثالية المفرطة أن يعمل العلم بجد لإنهاء الجوع.

وقد تؤدي مثل هذه الأبحاث حتى إلى تحقيق مكاسب جيوسياسية، كما لاحظ جون بويد أور، الطبيب وخبير التغذية الأسكتلندي الرائد، الذي أصبح أول رئيس لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة: «يجب أن يقوم السلام العالمي على الوفرة العالمية».

زر الذهاب إلى الأعلى