لا تكلف شيئاً.. القاعدة الذهبية “الأهم” لتربية أطفال ناجحين

كريترنيوز/ متابعات /أحمد الشنقيطي
يجد كثير من الآباء صعوبة في تحديد الوقت الذي يسمحون لأطفالهم فيه باستخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة المتصلة بالإنترنت.. فما السنّ المناسبة؟ وما نوع الرقابة الأبوية التي ينبغي فرضها؟
وأياً كانت القرارات التي يتخذها الآباء، فهناك قاعدة ذهبية واحدة “لا نقاش فيها” بحسب الطبيبة النفسية جين توينج، يجب الالتزام بها لضمان أن ينشأ الأطفال سعداء وناجحين:، مفادها “لا أجهزة إلكترونية في غرفة النوم أثناء الليل”.
تقول توينج، أستاذة علم النفس في جامعة سان دييغو الحكومية ومؤلفة كتاب “10 قواعد لتربية الأطفال في عالم عالي التقنية” الصادر في سبتمبر الماضي: “لا مجال للنقاش هنا.. أنت لست بحاجة إلى هاتفك في غرفة النوم.. انتهى الكلام”.
كرّست توينج معظم العقد الماضي لتحذير الآباء من مخاطر منح المراهقين وصولاً غير محدود إلى الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى دراسات تربط استخدامها بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بين المراهقين.
كما أصدر خبراء آخرون تحذيرات مماثلة؛ ففي عام 2023، نشر كبير الأطباء الأميركيين فيفيك مورثي تقريراً يحذر فيه من أن مخاطر وسائل التواصل والأجهزة المتصلة ساهمت في خلق “أزمة صحة نفسية وطنية بين الشباب”.
وفي كتابها، تدعو توينج الآباء إلى تأخير منح أطفالهم الهواتف الذكية قدر الإمكان، ومنعهم من استخدام وسائل التواصل حتى بلوغهم 16 عاماً على الأقل، ومنحهم هواتفهم الخاصة فقط عند حصولهم على رخصة القيادة وحاجتهم إلى التنقل المستقل.
لكنها تعتبر أن منع الأجهزة في غرف النوم أثناء الليل هو القاعدة رقم واحد، لما له من أثر مباشر على تحسين جودة النوم، وهو أمر بالغ الأهمية للصحة الجسدية والنفسية.. وتقول: “إذا لم يكن لديك الوقت لتطبيق جميع القواعد، فالتزم بهذه القاعدة على الأقل، فهي بسيطة جداً ولا تكلّف شيئاً”.
تظهر الأبحاث أن وجود الأجهزة في غرف النوم يقلل ساعات النوم، ذلك أن المراهقين يتأخرون في النوم بسبب تصفح وسائل التواصل، أو بسبب الإشعارات توقظهم ليلاً.
واعترف نحو ثلثي المراهقين الذين شملهم استطلاع “كومون سينس ميديا” عام 2023 بأنهم يعانون الأرق “أحياناً” أو “غالباً” بسبب استخدام الأجهزة ليلاً، فيما تشير بيانات مراكز السيطرة على الأمراض الأميركية (CDC) إلى أن 77% من المراهقين لا يحصلون على نوم كافٍ.. وخلصت إلى أن “قلة النوم عامل خطر لكل ما نريد تجنبه؛ من الإصابة بالأمراض إلى الشعور بالاكتئاب”.
تضيف توينج أن النظر إلى الشاشات في السرير مرتبط أيضاً بمشكلات صحية ونفسية لدى البالغين، لكن الأمر أشد خطورة على الأطفال؛ لأن أدمغتهم لا تزال في طور النمو، والنوم ضروري لتطورهم المعرفي والعاطفي وقدرتهم على التعلم وضبط المشاعر – وهي صفات أساسية ليصبحوا بالغين أصحاء وناجحين.. “إن كنت ستتبع قاعدة واحدة فقط، فهذه القاعدة قد تُحدث الفارق الأكبر”.
صراحة وحزم
تعترف توينج بأن تطبيق هذه القواعد سيواجه مقاومة من الأطفال، خاصة المراهقين المعتادين على استخدام هواتفهم طوال اليوم. وتنصح ببدء هذه الحوارات في سنّ مبكرة، حتى قبل المرحلة الابتدائية، لأن “الأطفال يحصلون على الأجهزة في سنّ أصغر، وبعض أصدقائهم قد يمتلكونها فعلاً”.
أما الآباء الذين لديهم أبناء أكبر سناً، فتنصحهم “بالعودة خطوة إلى الوراء” وفرض قواعد جديدة أكثر صرامة. وتضيف: “الأيام الأولى ستكون صعبة، حيث ستسمع الأبواب تُغلق بعنف، لكن الأمر يستحق”.