اليابان تنقل طاقة الشمس إلى الأرض بلا أسلاك!

كريترنيوز /رضا أبوالعينين
في خطوة وُصفت بأنها قد تعيد تعريف مستقبل الطاقة النظيفة، أعلنت اليابان عن استعدادها لإجراء أول اختبار عملي في العالم لنقل الطاقة من الفضاء إلى الأرض عبر الموجات الميكروية، وذلك ضمن مشروعها الطموح المعروف باسم «أوهيـساما» (OHISAMA)، أي «الشمس» باللغة اليابانية.
يهدف المشروع، الذي تشرف عليه وكالة الفضاء اليابانية (JAXA) بالتعاون مع عدد من الجامعات المحلية، إلى اختبار إمكانية جمع الطاقة الشمسية في الفضاء وتحويلها إلى موجات ميكروية تُرسل مباشرة إلى محطات استقبال أرضية.
ومن المقرر أن يدور القمر الصناعي التجريبي، الذي لا يتجاوز حجمه حجم غسالة منزلية، على ارتفاع 400 كيلومتر فوق سطح الأرض، حيث سيحوّل ضوء الشمس إلى طاقة تُبث إلى مجموعة من الهوائيات في مدينة «سُوَوا» بوسط اليابان، وفقا لموقع dailygalaxy.
ورغم أن الطاقة المولَّدة في هذا الاختبار لن تكفي سوى لتشغيل آلة تحضير القهوة، فإن المشروع يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، فهو أول تجربة حقيقية لتقنية الطاقة الشمسية الفضائية (SBSP)، التي طُرحت فكرتها لأول مرة في ستينات القرن الماضي، لكنها بقيت مجرد تصور نظري بسبب التحديات التقنية والتكاليف الباهظة. اليوم، ومع التقدم في تقنيات الإرسال الميكروي وانخفاض كلفة الإطلاق بفضل شركات خاصة مثل «سبيس إكس»، بات الحلم قريباً من التحقق.
وتكمن جاذبية هذه الفكرة في أن الفضاء يوفّر إضاءة شمسية دائمة لا تتأثر بليل أو سحب أو طقس، مما يجعلها بديلاً مثالياً للطاقة المتجددة على الأرض.
وتشير دراسات إلى أن الألواح الشمسية في الفضاء يمكن أن تنتج طاقة قابلة للاستخدام أكثر بـ43 مرة من تلك المثبتة على الأرض، بسبب غياب الغلاف الجوي والعوامل المناخية.
اليابان، التي تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها من الطاقة، ترى في هذه التقنية وسيلة لتحقيق استقلالها من الطاقة وتقليل اعتمادها على المصادر النووية بعد كارثة فوكوشيما عام 2011.
واستثمرت وكالة «جاكسا» في أبحاث الطاقة الشمسية الفضائية منذ ثمانينات القرن الماضي، ونفذت تجارب مبكرة مثل مشروع MINIX عام 1983 وتجارب نقل الطاقة عبر الصواريخ عام 1993، وصولاً إلى مشروع «أوهيـساما» الحالي الذي يُعد الأكثر طموحاً حتى الآن.
ويقول البروفسور ناوكي شينوهارا من جامعة كيوتو، أحد أبرز رواد هذا المجال: «لقد نفدَت لدينا المساحة على سطح الأرض، والخطوة المنطقية التالية هي أن ننظر إلى السماء».
ورغم الحماس الكبير، لا تخلو الفكرة من تحديات. فالإشعاع الموجي يجب أن يُوجَّه بدقة زاوية لا تتجاوز 0.001 درجة، وأي انحراف بسيط قد يؤدي إلى فقدان الإشارة أو تشويشها. كما أن الكلفة تبقى عقبة كبرى، إذ قد تكون الطاقة الشمسية الفضائية أغلى بعشر مرات من الطاقة الشمسية أو الرياح الأرضية، بحسب دراسة لوكالة «ناسا» عام 2021.
مع ذلك، ترى طوكيو أن النجاح في هذا الاختبار سيضعها في طليعة الدول الساعية لتأسيس بنية تحتية فضائية للطاقة النظيفة، وقد يفتح الباب أمام عصر جديد تُضاء فيه مدن الأرض بأشعة الشمس القادمة من الفضاء.