منوعات

الصين تحفر أعمق 11 كلم في تاريخها بحثاً عن أسرار قد تغيّر ميزان القوى في العالم

كريترنيوز /متابعات /وائل زكير

في صحراء تاكليماكان النائية بشينجيانغ، شرعت الصين في واحد من أكثر مشاريعها طموحا على الإطلاق، حفر بئر عملاق بعمق 11 كيلومتراً، في محاولة لاكتشاف طبقات جيولوجية تعود إلى 145 مليون سنة وكشف موارد استراتيجية قد تغيّر موازين القوة العالمية.

أُطلق المشروع في مايو 2024 بقيادة مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC)، ويستهدف اختراق أكثر من 10 طبقات قارية وصولًا إلى أعماق النظام الطباشيري، مستخدما معدات تتجاوز 2000 طن قادرة على تحمل حرارة تصل إلى 200 درجة مئوية وضغوط هائلة في باطن الأرض.

ورغم أن الصين تقدّم المشروع كخطوة علمية، إلا أن توقيته يكشف بعدا استراتيجيا مهما، خاصة مع التنافس العالمي على المعادن النادرة وموارد الطاقة.

فحوض تاريم يُعد من أغنى المناطق بالنفط والغاز، وتزداد التوقعات بأن البئر قد يكشف أيضا عن رواسب جديدة من العناصر الأرضية النادرة التي تعتمد عليها الصناعات التقنية والعسكرية حول العالم وهي موارد تهيمن عليها الصين بالفعل عالميا.

ووصفت بكين هذا الجهد بأنه خطوة هائلة في مجال البحث العلمي في أعماق الأرض. إلا أن التوقيت والموقع والطموحات المتعددة تُشير إلى أن شيئا أكبر يتكشف. ففي حين تتنافس القوى العالمية على الموارد الحيوية والمعلومات الجيولوجية، لا تتجه الصين نحو التغلغل عموديا تحت الأرض فحسب، بل تتجه أيضًا نحو مناطق سيطر عليها الغرب لوقت طويل.

في حال نجاح مشروع الحفر، قد يكشف عن طبقات عمرها 145 مليون عام ، ويُطوّر نماذج للسلوك التكتوني، وتطور المناخ، وتكوين الموارد. ومن المرجح أيضًا أن يُسفر عن بيانات بالغة الأهمية تتجاوز البحث الأكاديمي، بدءا من رسم الخرائط المعدنية الاستراتيجية، وصولًا إلى تحليل المخاطر الزلزالية، وأمن الطاقة المحلي.

ووفقا لوكالة أنباء شينخوا ، يخطط المهندسون لاجتياز أكثر من 10 طبقات قارية ، للوصول إلى أعماق النظام الطباشيري . تُعد هذه الطبقة، التي تشكلت قبل أكثر من 100 مليون سنة خلال فترة من عدم الاستقرار التكتوني العالمي، ذات أهمية علمية لفهم الحياة القديمة والتطور الجيولوجي.

تستغرق العملية حوالي 450 يوما ، وتتضمن استخدام أكثر من 2000 طن من المعدات ، بما في ذلك رؤوس الحفر والأنابيب المقواة القادرة على تحمل درجات حرارة تصل إلى 200 درجة مئوية (392 درجة فهرنهايت) وضغط جوفي شديد. ينطوي الحفر على هذه الأعماق على مخاطر كبيرة، إذ إن سلوك الصخور غير المتوقع، وإجهاد المعدات، ومعدلات الفشل المرتفعة، قد أضرّت بجهود مماثلة في الماضي.

ويمثل هذا المشروع سباقا صامتا لرسم خريطة باطن الأرض، في ظل سعي القوى الكبرى للحصول على بيانات جيولوجية عميقة تُستخدم في توقعات الزلازل، ورسم خرائط الموارد، وحتى تطوير تقنيات الطاقة المستقبلية.

وتشير بكين من خلال هذا المشروع إلى استراتيجية مزدوجة، استكشاف الفضاء من الأعلى وباطن الأرض من الأسفل، في سباق عالمي لإحكام السيطرة على موارد المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى