حكايتي مع الحمامة.

أقصوصة: أثمار المحروقي
كان ياما كان في قديم الزمان
كانت هُناك قرية صغيرة وجميلة تمتاز باشجارها الخضراء الكثيفة، في هذه القرية توجد عائلة تتكون من ابًا وامًا وولدًا وبنت
كانت عائلة سعيده ومتحابة كل واحد منهم يقوم بمهامه تجاه الأسرة على أكمل وجه، كما انهم يمتلكون مزرعة صغيرة فيها حظيرة للأغنام والدجاج يقومون على تربيتها، إلا إن الولد كان يهتم بحمامة جميلة تأتي الى مزرعتهم كل صباح وكان يقوم بإطعامها ورعايتها إلى وقت الغروب وتذهب إلى عشها حيث كانت بمثابة صديقتة العزيزة والمفضلة لديه، كان يحبها ويفضل اللعب معها طوال اليوم ويخاف عليها ولايجعل احد أن يقترب منها.
وفي إحدى الأيام وبينما كان الولد والحمامة يلعبان في المزرعة إذ بالحمامة تطير فوق احدى الأشجار ويعلق جناحها في احد الاغصان الحاده لم تستطع ان تتحرك او تطير فرآها الولد فخاف عليها ولم يكن احد بجانبه لكي يطلب منهم المساعدة حينها قرر ان يساعدها بنفسه ،تسلق الشجرة العالية وتمكن من الوصول إليها ومساعدتها على الطيران مرةً اخرى.. وبينما يهم هو بالنزول من أعلى الشجرة تعثرت قدماه وسقط على الارض مغميًا عليه حينها سمع والدية صراخ ابنهم فهرعوا إلى مكان وقوعه إلا أنهم تفاجوا بوجوده ملقي على الارض فأخدوه مسرعين إلى طبيب القرية.
فقال الطبيب للأب لقد تعرص ابنك لضربه قوية في العمود للأسف على أثرها سيفقد أبنك الحركة.
حزن الاب كثيرًا لما سمعه من الطبيب واشفق على حال ابنه وإلى ماألت اليه صحته فما من الاب الا ان يتمالك نفسه.
وبدافع الأمومة اصرت والدته على السفر بأبنها الى المدينة للتأكد من مرض ابنها والأطمئنان أكثر وبالفعل سافرا جميعهم وعند عرض أبنهم على الطبيب المختص توافق تشخيص طبيب المدينة مع تشخيص طبيب القرية، فعادا جميعاً إلى القرية والحزن يملأ صدرهما واتفقا على التأقلم مع هذا الوضع.
وفي إحدى الليالي مع غروب الشمس حين بدأ الهدوء يعم أرجاء القرية خرج الاب وجلس بالقرب من بيته فنظر إلى السماء رافعًا يداه بالدعاء تضرعا إلى الله بأن يشفي ابنه واخراجهم من هذه المحنة وبينما هو يدعي والحزن يملأ قلبه وظهر على عيناه مرارة القهر. مرٌ رجلًا كبير في السن دو لحية طويلة بيضاء وعباءه وعمامه أيضًا بيضاء من امامه فرآه بهذه الحالة وساله مابالك يارجل حزين؟
فقال الاب: بصوت مبحوح قلبي ينفظر ألم على ماحدث لابني.
فقال له الشيخ: وماذا حدث له؟
فقص له الاب كل ماحدث لإبنه
فقال له الشيخ: الأمر ليس بهذه الصعوبه هناك حل سيؤدي الى شفاء ابنك أن شاء الله تعالى
نهض الاب من مكانه فرحًا وماهو هذا الحل ارجوك اسعفني به؟
اجابه الشيخ: قم بدبح الحمامة التي أقام ابنك بإنقادها واطبخها وأجعل ابنك يتناولها
هنا كانت الصدمة للاب…وكيف ذلك وابني يحب هذه الحمام ولا يجعل احد يقترب منها ولمسها فمابالك هو يتناولها، الامر صعب صعب جدا أيها الشيخ وكيف سأقنعه بذلك
رد الشيخ عليه: هذا هو الحل الوحيد أن اردت إبنك يتماثل للشفاء؟
فعاد الأب الى البيت مهمومًا اكثر من دي قبل واخبر الأم بكل مادار بينه وبين الشيخ
في بأدي الإمر رأت الأم ذلك صعبًا ولكنها فكرت قليلا وقالت: مادام سيكون تناول الحمامة شفاء لولدنا فهو امر يسير فاذا لم يأكلها ابننا حتمًا سيأكلها شخص اخر او حيوان مفترس أو سيأتي يوم وتموت ونكون خسرنا علاج إبننا وبينما هما يتحدثان سمعهم ابنهم الا انه فجاءة صرخ ويقول: لا لا انها حمامتي العزيزة لا استطع فعل ذلك وظل يبكي ويصرخ فسمعته الحمامة.
وبعد ان توقف الطفل عن البكاء وحل الليل بسواده الحالك على القرية اتت الحمامة الى نافذة الطفل وكان مستيقظًا مهمومًا راءها وفرح برؤيتها وتحدثت الحمامة مع الولد وقالت له: لقد سمعت الحديث الذي دار بينك وبين والديكّ فأنا معهم في كل ما قالوه كما اني سعيده سأكون سببًا في شفاءك بعد الله سبحانه وتعالى اراد الطفل ان يرد عليها إلا انها قاطعت كلامه وأكملت هي حديثها
قائلة: من قال بأنك ستفتقدني سأظل معك مدى الحياة ساكنة في احشاءك وسيختلط دمي بدمك وستظل تذكرني مدى الحياة فأرجوا منك ان توافق على ذلك حتى أكون سعيدة بهذا الفعل لكي أرد لك جميلك ألسابق.
بعد سماع الولد لحديث الحمامة ظل يبكي والدموع تنهمر من عيناه لم يستطع أن يتفوه بأي كلمة فسارع إلى إحتضان الحمامة وهو مازال يبكي بشدة ويقول لها سافتقدك ياحمامتي العزيزة وهذا كان اخر لقاء بينهما .
وفي اليوم الثاني تناول الولد الحمامه وهو مجبرًا ولم يستطع النظر اليها لأنه كان متألم من اجلها وماهي إلا أيام قليلة بعدها أستطاع الولد ان يتحرك
فرح الجميع بذلك إلا هو فقد كان في شدة الحزن، صحيح أنه لن يراها، إلا أنها تشاركه في جسده لحمًا ودمًا فما أعظمها من تضحية تجلت في أبها صورة.