تقارير وحوارات

تركيع، تجويع، ترقيع …«حكومة الشرعية» تغيير الوجوه وإبقاء السياسات، ما الجدوى ..؟

كريترنيوز / تقرير

قال أحدهم في كل مرة يغيرون السائق مع أن السيارة هي الخربان وبحاجة إلى مهندس شاطر يبحث عن الخلل ويصلحه وليس تغيير السائق . وكما يقولون إذا عرف السبب بطل العجب. والحاصل في العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب أن لا أحد يريد تشخيص الحالة ومعالجة العلة. وقال بعض المحللين إن الأزمة مفتعلة وتقف خلفها أهداف بعيدة وإذا ما حقق (….) اهدافه سيشرع في إيجاد حلول تتناسب مع سياسته.

صحيفة «سمانيوز» التقت عددا من الجنوبيين وتداولت معهم أطراف الحديث وطرحت تساؤلات .. ما الجدوى من تغيير الوجوه وإبقاء السياسات كما هي؟

وفي حال استنفاذ البدائل المحلية (المسؤولين) واستمرار الفشل جنوبًا هل الوصاية الدولية المباشرة على الجنوب هي الحل؟

وضع غير مفهوم .. هل من تفسير منطقي لما يحدث جنوبًا؟

يرى الناشط السياسي الأستاذ عوض محمد صائل أن الأوضاع في الجنوب ستظل تراوح مكانها في ظل إصرار الرعاة على إبقاء السياسات المفتعلة سارية المفعول ، ولن يفيد تغيير أو استبدال المسؤولين.

وأضاف : لا أمل في تغيير الأوضاع السائدة حاليا من خلال إحلال فلان بدل علان في رئاسة الحكومة اكان من الجنوب أم شماليا يمنيا ، وستظل الأوضاع الاقتصادية والخدمية في الجنوب تراوح مكانها طالما ظلت سياسة تجويع شعب الجنوب هي السائدة. ممارسة سياسة ضغط على شعب الجنوب وقيادته السياسية في المجلس الانتقالي لإجباره على تقديم تنازلات ولثنيه عن قضيته الجنوبية ومشروع استعادة الدولة والقبول بمشروع التسوية الذي تتبناه قيادة التحالف العربي. لذلك لا داعي للقدح والذم في هذا وذاك فلن يأتوا لنا إلا بمن يستمر في تنفيذ هذه السياسة مع بعض المهدئات الطفيفة. وعليه فعلينا أن نخلق الوضع الذي يكسر استمرار هذه المعادلة ويجبر صانعيها على التعامل معنا كطرف صاحب أرض وثروة وقوة عسكرية وقاعدة شعبية يصعب تجاوزها ، وبالتالي لا بد من كسب وده. وقال الأستاذ صائل ( لا عون في معين ولا بركة في بن مبارك). تدوير المناصب في الحكومة المشهود لها بالفشل الذريع في معالجة الأوضاع الاقتصادية والخدمية للمواطنين ، بل وعدم الوفاء حتى بالمعاشات التي لا تسد رمق الموظف في ظل الغلاء الفاحش وتدهور العملة بينما يقابل ذلك فساد حكومي كبير تجاوز كل حدود الأخلاق الإنسانية، فساد حكومي محمي من العقاب ، وكأن هذه الحكومة وملحلقاتها المتناثرة في دول الإقليم والعالم هي الشعب والوطن وكأن هذه الطبقة السياسية هي كل ما يجب الاهتمام به من قبل الداعمين والأوصياء على اليمن، وعملية تدوير المناصب بين أعضائها يأتي حين تصل الأزمات إلى حافة الانفجار الشعبي في محاوله لامتصاص غضب الشعب وإعطاء بعض الأمل للمواطن من خلال بعض المسكنات الخفيفة حتى تعود الكرة مجددًا ولو بحثنا عن سبب هذه السياسة الاقتصادية المتبعة لما يسمى بحكومة الشرعية تجاه شعب الجنوب ، وهي بالمناسبة أي( الشرعية) لاتملك أرضا غير الجنوب وحتي محافظة مأرب اليمنية مستقلة اقتصاديا ،فأننا نجد أن السبب سياسي يتعلق بالحفاظ على تبعية الجنوب المحرر للشمال المغتصب ، وهي سياسة تهدف إلى إرغام شعب الجنوب للتنازل عن مشروعه الوطني في استعادة دولته وضرب المجلس الانتقالي الجنوبي بحاضنته الشعبية على اعتبار أنه شريك في السلطة ، ولم يستطع رفع المعاناة عن شعبه.

فهناك عمل سياسي حزبي ومناطقي في الجنوب تسعى من خلاله أجندة خارجية إلى تشكيل كيانات قبلية وحزبية على أمل أن تصبح موازية للانتقالي لطرح مشاريع تخدم الداعمين للحد من انفراد الانتقالي بتمثيل الجنوب في أي تسوية سياسية قادمة. وتابع الأستاذ صائل حديثه قائلاً :

نستنتج من ذلك أن الهدف ثابت ولا جدوى من تغيير الأشخاص في الحكومة فما ذلك إلا ذر الرماد في العيون لتفويت الفرص واستغلال عامل الوقت لتفكيك المجلس الانتقالي، علماً أن المصلحة مشتركة بين النخب اليمنية وبعض الجنوبيين من جهة وقيادة التحالف من جهة أخرى. فأكذوبة توقيف تصدير النفط والغاز من قبل الحوثي لم تعد كافية لتبرير فشل الحكومة في القيام بواجباتها. أين الدعم الدولي أين تدابير إدارة الموارد المحلية، أين إجراءات الحد من الفساد وفي هذه المرحلة الحرجة وتداخل العوامل الذاتية والموضوعية وتوسع الحرب دوليا في البحر الأحمر والعربي ، فإن الخيارات الجنوبية بدأت تضيق ولكنها ليست معدومة. وختم صائل قائلاً : المرحلة صعبة والطوق حول أعناقنا إقليمي وليس يمنيا فقط والمتربصون كثر، ولكن الشعوب الحية لا تقهر وعلى غرار الاصطفاف السياسي اليمني المناطقي سيتحول إلى عسكري مباشر عند الحاجة. فلماذا لايقابله اصطفاف جنوبي شامل للدفاع عن الأرض والعرض في جبهة وطنية عريضة تضم كل مكونات شعب الجنوب وقادته السياسيين عنوانه الجنوب للجنوبيين ولا تفريط فيه تحت أي مسمى ولا مصلحة في الجنوب إقليمية ولا دولية إلا مع شعب الجنوب ولا وصاية تنتهك حقه في أرضه أو تنازعه المسؤولية عليه.

وفي الطرف المقابل يرى عضو الجمعية الوطنية الجنوبية الاستاذ فيصل النجار أن ظن شعب الجنوب قد خاب وفقد الأمل في أن تقود الحكومة شخصية انتقالية نزيهة.

وقال؛ لاتختبروا صبر الشعب الجبار فقد كان الأمل كبيرا لدى شعبنا الجنوبي المكلوم بأن الله الرحيم سيبعث له برئيس حكومة شخصية جنوبية انتقالية توافقية ونزيهة تمتلك عصا سحرية لتحريك مياه الحياة الواقفة الخانقة للفقراء والموظفين والعمال والناس المسحوقين أجمعين في العاصمة عدن خاصة والجنوب عامة. وتابع قائلاً : ولكن ظن شعبنا خاب وصبره نفذ وهو ينتظر وصول شخصية وطنية تستطيع تطهير مؤسسات الجنوب من رجس الفساد والأهمال والتدمير الممنهج. نريد شخصية وطنية تقود الحكومة إلى بر العدل والأمان لتحسين معيشة الشعب وصون كرامة الإنسان من خلال إصلاح منظومة الحكم وفرض دولة النظام والقانون على الكبير قبل الصغير ، وبعزل كل الفاسدين من إدارات العمل والإنتاج والحكم المحلي وحتى بمنظومة الأمن.

وتابع الاستاذ فيصل قائلاً :

إن تدوير شخصيات مجربة وإن كانت جنوبية ولكنها سالبة وتبتعد مليون ميل عن حقوق الشعب وخيار الأمة السياسي ، فالذي لم يحقق في مكانه السابق غير الحزن والبؤس للشعب فيعني هذا أن التبديل إلى الأسوأ وفاشل لامحال،

لقد تم استنفاذ كل البدائل وشعبنا جرب حكم العسكر والأحزاب والاحتلال، وحكم البند السابع وجرب مرحلة حكم التحالف ولم يلمس شعبنا في أي حكم منها روح النظام والقانون والدولة الرشيدة العادلة والرحمة والشفقة والمواطنة المتساوية وهاهو اليوم يدخل المرحلة الأخيرة قبل النصر أو الموت في حال لم تجدي البدائل والتغييرات نفعا في معالجة الخدمات الأساسية والرواتب وإنقاذ قيمة العملة المحلية أمام الأجنبية ، وإنقاذ مصفاة وميناء عدن واستئناف تصدير النفط وإنقاذ الكرامة والإنسانية وحق الشعب في توفير متطلباته وإصلاح منظومة قيادة المؤسسات وتحييدها عن الصراعات السياسية واتباع الحلول الناقصة دائما.

فأننا نطالب الأشقاء في التحالف العربي أن يساعدوننا على إيجاد حكومة إنقاذ وطني للشعب وليس حكومة تعذيب كما هي العادة في السابق وأن يجعلوا من عدن أنموذجا في الحكم والخدمات والأمن والنظام ، لأن الاستمرار بتكرار الفشل السياسي والاقتصادي وتدوير الأدوات الفاسدة من مؤسسة إلى أخرى لاينتج إلا فشلا جديدا ، وهذا قد يرغم الشعب الجنوبي الصابر إلى اتخاذ قرارات شعبية غير مضمونة العواقب.

وختم الاستاذ فيصل قائلاً : إنما أتت الحكومات لخدمة الشعوب وتوفير سُبل العيش الكريم فإن الوضع بالجنوب قد أصبح غير كريم وغير مقبول وغير مفهوم أساساً ، وليس له أي تفسير غير أنه يهدف إلى الإبادة الكاملة للشعب وإفشال مشروعه السياسي العادل ، فالخطر مازال سيد المستقبل لهذه الحكومة الجديدة إن كانت لا تستوعب إرادة الشعب الجبار والله تعالى من وراء القصد.

في نفس السياق ربط عضو المجلس الاستشاري الجنوبي الاستاذ سالم أحمد المرشدي أحداث الحاضر بالماضي ووجه أصابع الاتهام لقيادات صنعاء وقال :

من المعروف عن نظام صنعاء بأنه نظام بعيد عن بناء الدولة بكل مؤسساتها وإن وجدت فإنها تدار من شخص واحد كما هو معتاد عن المخلوع الهالك عفاش وخاصة بعد حرب صيف ١٩٩٤م لن يأتي بمسؤولين أكفاء لإدارة الدولة لأن النظام نظام فاسد وتعود على هذا فهو يغير مسؤول فاسد بمسؤول آخر أفسد منه. ولو تتذكر في عام ١٩٩٧ م عندما تم تعيين الدكتور فرج بن غانم رئيسا للوزراء ، ولأنه نزيه وناجح لم يتركوه في حاله ، وتم التدخل في صلاحياته وتعطيل عمله ومارسوا ضده ضغوطا وتطفيشا ما اضطره إلى تقديم استقالته في العام ١٩٩٨ م وعاد إلى سويسرا. رغم أنه كان شخصية نزيهة وكفؤ وكان لديه أفكار إيجابية ، وقادر بإذن الله على إنقاذ الدولة من الانهيار الاقتصادي والأمني ، ولن تكون هناك أي جرعات كبيرة تنهك كاهل المواطن أو الشعب بأكمله، لهذا هو فعلا هذا النظام بكل ما فيه من أحزاب هم عصابة يمنية متكاملة لا تريد دولة نظام ولا قانون ولو كانوا يريدون بناء الدولة كان ما تدخلوا في صلاحيات الدكتور فرج بن غانم ، وأجبروه على الاستقالة مبكراً. إذن مهما تم تغيير المسؤولين فإن السياسات تبقى كما هي.

وتابع المرشدي قائلاً :

كل البدائل المحلية تقريبا استنفذت ولا حد يجرب المجرب ولهذا نقول لابد من تدخل دولي أو إقليمي يعالج القضية الجنوبية برمتها وفقاً لمطالب السواد الأعظم من أبناء شعبنا الجنوبي وتفويض المجلس الانتقالي الجنوبي ممثلا شرعيا وحيدا لطموحات الشعب الجنوبي لفك الارتباط مع نظام صنعاء المتخلف.

وأضاف المرشدي قائلاً : أصبح الوضع في اليمن فعلا غير مفهوم للقارئ العربي والأجنبي حتى المحلل السياسي والاقتصادي يقف حائرا عن مايجري في اليمن لا يعلم كيف ترتفع العملة وكيف تنزل ولا كيف تدار الدولة دون أمن غذائي سليم يحفظ كرامة المواطن ، وأصبح القطاع الخاص هو من يقوم بذلك من توفير وقود ومواد غذائية وكثير من الأمور اليوم أصبحت الأوضاع خارج نطاق الحكومات المتعاقبة منذ عاصفة الحزم في ٢٠١٥م إلى يومنا هذا كل وزراء الحكومة اليمنية كل وزير أفسد من وزير من عهد بن دغر إلى معين عبدالملك وصولا إلى بن مبارك وهو معروف بأنه لن يحرك ساكنا في ظل الدولة العميقة في اليمن ، وليس هناك حلول جذرية إلا بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية.

ختامًا .. الجنوب ضحية مصالح وتحالفات يمنية إقليمية جمعها قاسم مشترك ضده.

فهل الجنوبيون غير قادرين على الدخول في تحالفات مماثلة.

وبحسب مراقبين يرون أن أمام المجلس الانتقالي الجنوبي خياران لا ثالث لهما أما تقديم تنازلات، وأما العودة إلى ميادين النضال السلمي.

زر الذهاب إلى الأعلى