الحياة مع الكلب الأسود

كتب: جمال صلاح
كيفَ يعيش مريض الاكتئاب؟
الاكتئاب يتوغل إليهِ بِكل هدوءً في البداية، يعاني من الأشياء الصغيرة، لكنهُ يختار أن يتجاهلها، إنهُ مثل الصداع، يقول لنفسه بأنهُ مؤقت وسوف يزول، إنهُ مجرد يوم آخر سيء، لكنهُ ليس كذلك، هوَ عالق في هذهِ الحالة النفسية، ويعتاد على إرتداء قناعٍ أجتماعي يختبئ خلفهُ لكي يواصل العيش ضمن الآخرين، لأن هذا ما يجب عليهِ فعله، هذا ما يفعلهُ الآخرون، لكن المشكلة لا تزول ويشعر بالمعاناة عندما يرتدي وجهاً مزيفاً كل يوم، ويبدأ باستهلاكهِ أكثر وأكثر، وهذا ما يجعلهُ يسقط إلى عمق أكبر، مما يجعلهُ يبدأ بالإبتعاد عن الناس، وعزلهم تماماً عن حياتهِ.
الشعور بالراحةِ منعدم، الأشياء الصغيرة التي كانت تجلب لهُ السعادة لم تعد لها قيمة. حتى أبسط المهمات أصبحت مؤلمة، لهذا السبب ليس لديهِ محفز في حياته، لماذا يستمر في المحاولة إذا كان لا شيء يشعرهِ بالسعادة أياً كان. كل هذه الأفكار تجعلهُ يشعر بالأسى الشنيع، فيصبح عالقاً في دائرة مفرغة.
فجأة يجد حياتهِ أصبحت بطيئة الحركة والأيام أصبحت متشابهة مجرد ضوضاء بيضاء وشعور بالثقل يملأ عقلهُ ويجثم فوق جسدهِ ويشعر بأنهُ لن يكون سعيداً أبداً. ويستمر في الانطواء وتدمير علاقاتهِ، ويشعر بالذنب على كل شيء إرتكبهُ أو لم يرتكبهُ، هناك جزءاً بداخله يريد أن يصحح الاوضاع، فيضٌ من المشاعر الإيجابية المفاجئة تجعلهُ يريد الخروج ومقابلة الناس لكنهُ شعور قصير الأجل لإنهُ في داخلهِ يعلم أنهُ لن يجدي نفعاً.
الأشياء التي تجعل الناس سعداء، لا يكترث بها فيصبح مدركاً لحجم الفجوة بينهِ وبينهم، فشل آخر ليس بإختيارهِ، فيختار في النهاية وحيداً في خلوتهِ حيث لا يسألهُ أحد أي سؤال. أحتقار الذات وإنعدام الطموح، شعوران يصبحان غير محتملين.
في النهاية سيدرك بإنهُ لا يستطيع الإستمرار بهذه الطريقة فيُصبح أمام خيارين: إما أن يطلب المساعدة، أو أن يقدم على الانتحار…