حرب غزة.. موقف أمريكا وكنف اليوم التالي
كريترنيوز /متابعات /رام الله – محمـد الرنتيسي
غداة إعلان الإدارة الأمريكية اعتزامها خريطة اليوم التالي لحرب غزة، بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بدا الموقف الفلسطيني أكثر تمسكاً، بما يتوافق والأولوية الأهم لسكان غزة، من خلال الإصرار على مقترح 2 يوليو، طبقاً للخطة الأمريكية لوقف الحرب، التي باتت تقف على خط العام الأول، مخلفة دماراً واسعاً.
وإذ يعود ملف مفاوضات هدنة غزة إلى الواجهة، بعد المطبات والعراقيل التي وقعت فيها، يقدم الفلسطينيون أنفسهم بعنوان: نحن قلنا كلمتنا، وجاهزون للحل من الغد، بانتظار أن تقول أمريكا هي الأخرى كلمتها، من خلال الضغط على إسرائيل.
ويبدو الارتقاء الأكبر في الموقف الأمريكي، مرهوناً إلى حد كبير بالسباق الانتخابي نحو البيت الأبيض، فيما لا تزال غزة على حزام النار، وأمامها مفترق طرق، تتشابك فيه اعتبارات كلفة الحرب الشاملة التي تنسج خلف خطوط النار، وقديمها الجديد جبهة إسرائيل – لبنان.
ووفق مراقبين، فإن الأكثر تعبيراً عما يعد لليوم التالي للحرب، يتمثل في الكشف عن الحل الجاهز، الذي روجت له واشنطن لإنهاء الحرب في قطاع غزة، مع مسار مزدوج، يسقط الحل على جبهة لبنان، إلا أن هناك ما يضع واشنطن نفسها على ضفتي نقيض، من خلال إظهار الدعم والإسناد لإسرائيل في حربها على غزة، ما يجعلها تتمادى في قتل المدنيين وتدمير منازلهم واستهداف خيامهم، دون الانصياع لضوابط الخطة الأمريكية، أو يعطي جرعة أمل للمفاوضات السياسية، ما يجعل سقوف الحل تنخفض، بدلاً من الارتفاع.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، هاني المصري، أن الأبواب لم تغلق أمام محطة الحسم لوقف الحرب، والتوصل إلى تهدئة وصفقة تبادل للأسرى، مشيراً إلى تصاعد الاحتجاجات في إسرائيل، فضلاً عن عوامل أخرى سياسية واقتصادية وأمنية ضاغطة، إلا أن إسرائيل اعتادت على قطع الطرق على أي مبادرة للتسوية السياسية، ووضع العصي في دواليبها، على حد قوله.
ذر رماد
بدوره، يشير الباحث والمحلل السياسي، سليمان بشارات، إلى أن الرد الفلسطيني للوسطاء بشأن الاتفاق، وجاهزية الفلسطينيين للتعاطي الإيجابي مع أي مبادرة سياسية، بعد إجراء التعديل اللازم لبعض البنود والمقترحات، وضع الكرة في ملعب أمريكا، التي لطالما اتهمت الجانب الفلسطيني بتعطيل الاتفاق، فيما المطلوب من واشنطن ممارسة الضغط على إسرائيل، لإكمال الدور المطلوب منها في هذا الاتجاه. ويضيف: كالعادة، لا يؤتمن جانب إسرائيل في أي فرصة لإنهاء الحرب، ولا يوجد لهجة أمريكية قوية تجاهها، بل إن التصريحات الأمريكية حيال التهدئة لا تخرج في مجملها عن محاولات لذر الرماد في العيون، والمناورة الدبلوماسية، والاستهلاك الإعلامي، على وقع السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض.
قفل ومفتاح
ويلفت مراقبون إلى أن الإدارة الأمريكية هي من يمسك بالقفل والمفتاح في حرب غزة، لكنها تغرق مبادراتها السياسية بمناورات إعلامية، وإعادة تدوير وساطتها، بما يتلاءم واللعب على الكلام.
وما بين عاصفة طواحين الانتخابات في واشنطن، ومطحنة الحرب في غزة، تبدو خطة الحل الأمريكية فاقدة للجاذبية في الأوساط السياسية، وعليه، سيظل الفلسطينيون ينتظرون هبوطاً آمناً للحل السياسي على مدرج غزة، ينقلها من موازين الحرب الضروس، إلى كنف اليوم التالي، لكن وفق الوقائع والمعطيات على الأرض، يشتم مراقبون رائحة البارود، إذ ما زالت الأصابع الإسرائيلية على الزناد.