المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية اليمنية.. الأبعاد والدلالات الاستراتيجية
كريترنيوز /تقرير / متابعات
لا يمكن اعتبار اللقاء المشترك الذي جمع المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزٌبيدي والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح حدثاً مفاجئاً أو وليد اللحظة. هذا اللقاء، الذي انعقد يوم الاثنين الموافق 16 سبتمبر 2024، جاء تتويجاً لخطوات سابقة اتخذها المجلس الانتقالي، أبرزها البيان الصادر عن المتحدث الرسمي للمجلس، الأستاذ علي الكثيري، قبل ثلاث سنوات. في ذلك البيان، رحب الكثيري بأي جهود لتوحيد الصف لمواجهة ميليشيات الحوثي الإرهابية، وأبدى استعداد المجلس الانتقالي الجنوبي للشراكة مع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في سبيل التحرر من الهيمنة الحوثية وكسر سيطرتها على البلاد والمنطقة.
أبعاد التحالف الاستراتيجي للطرفين:
هذا التحالف يعكس رؤية استراتيجية واعية من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه المتغيرات الإقليمية والدولية. المجلس الانتقالي، الذي يسعى إلى تعزيز حضوره في المشهد السياسي، يدرك جيداً أهمية بناء تحالفات استراتيجية تضمن له مكانة في أي تسويات إقليمية أو دولية مستقبلية. في ظل التحولات المتسارعة في المنطقة، بات من الضروري أن تتحالف القوى الجنوبية مع قوى شمالية مخلصة تعمل من أجل تحرير اليمن من ميليشيات الحوثي بدلاً من اللجوء إلى الخطابات العاطفية أو الشعبوية التي لا تخدم سوى أعداء قضية الجنوب.
من هذا المنطلق، تعتبر شراكة المجلس الانتقالي الجنوبي مع المقاومة الوطنية خطوة استراتيجية في الاتجاه الصحيح. فالمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح تعد من القوى العسكرية والسياسية التي تمتلك جذوراً قوية في الشمال، ولها قدرة على التأثير الميداني في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. التحالف بين الطرفين يعزز من فرص تحرير الشمال من الميليشيات الحوثية، التي تشكل تهديداً وجودياً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة ككل.
دلالات التحالف:
هذا التحالف يبعث برسالة قوية إلى كافة الأطراف الإقليمية والدولية مفادها أن الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي لا يقتصر دوره على الدفاع عن قضاياه المحلية، بل يسعى إلى لعب دور مؤثر في المعادلة اليمنية ككل. من خلال هذا التعاون، يؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي على استعداده للمشاركة في أي تسوية سياسية شاملة تضمن حق التمسك بالاهداف الوطنية لقضية شعب الجنوب بعد القضاء على النفوذ الإيراني عبر ادوات الحوثي وتحقق الاستقرار في اليمن جنوبا وشمالاً.
كما أن اللقاء الأخير بين المجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية يعكس نوعاً من التوافق الاستراتيجي بين الطرفين على ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك ميليشيات الحوثي وجماعات الإرهاب والتطرف. وأكد الطرفان على أهمية استمرار التنسيق والتواصل الفعال في مختلف الملفات والقضايا، وتشكيل لجنة تواصل لمتابعة المستجدات، مما يعزز من فرص نجاح هذا التحالف في تحقيق أهدافه على الأرض.
سر انزعاج بعض الأحزاب المؤدلجة:
من الواضح أن هذا التحالف لم يرق لبعض الأطراف السياسية المؤدلجة، خصوصاً التي تتلقى دعم من مسقط حزب الإصلاح اخوان اليمن والحوثيين تلك التي تعتمد على الخطابات الشعبوية والعاطفية لكسب دعم الجماهير. تلك الأحزاب ترى في التحالف بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية تهديداً لمصالحها، خصوصاً أنها تستفيد من استمرار حالة الفوضى في البلاد.
هذه الأحزاب قد تنزعج لأن التحالف الجديد يشكل تحدياً لوجودها، فهو يثبت أن هناك قوى سياسية وعسكرية في اليمن مستعدة لتجاوز الخلافات القديمة والعمل معاً لتحقيق أهداف استراتيجية مشتركة. هذا التحالف يكشف زيف الشعارات التي تتغنى بها هذه الأحزاب السياسية المؤدلجة ويضعها في موقف دفاعي، خاصة وأنه يحظى بدعم شعبي واسع في الجنوب والشمال على حد سواء.
الرسالة إلى الأصوات المنتقدة:
إلى الأصوات التي تحاول التشكيك في دور المجلس الانتقالي الجنوبي أو التقليل من أهميته، نقول إن المجلس الانتقالي أثبت خلال السنوات الماضية أنه شريك فاعل في تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي. دوره لم يعد محصوراً في قضية شعب الجنوب فحسب، بل أصبح لاعباً رئيسياً في الساحة السياسية في اليمن ككل، وذلك من خلال تحالفاته الإقليمية والدولية التي تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار.