قصة الخيوط الذهبية
قصة – إعداد/ عيشة صالح
يحكى أنه كان هناك رجل يعيش في أرض بعيدة، ولديه ابنة صغيرة تتسم بالجمال، وكان ذلك الرجل يعمل طحانًا ثرثارًا، وكانت تلك الأرض يحكمها ملك شاب. وفي أحد الأيام، قرر الملك استدعاء الطحان عندما كثرت الشكاوى عليه، فرد الطحان قائلًا: “يا جلالة الملك، لدي مبلغ قليل من المال لا يكفي الضرائب، لكن لدي ابنة جميلة تستطيع تحويل القش إلى ذهب.” فقال الملك في نفسه: “أفضل شيء لي هو جمع الثروات والخيرات في العالم.” فكر الملك قليلًا وهو جالس على كرسيه ثم قال: “إذا كان ذلك صحيحًا، فيجب أن تحضرها إلى قصري وسأحضر لها المزيد من القش لأرى ما يمكن أن تفعله.”
وبالفعل، أرسل الطحان ابنته الجميلة إلى قصر الملك البعيد. وعندما وصلت إلى القصر، وجدت الملك قد أحضر لها غرفة مليئة بالقش الأصفر، وقال لها: “إذا لم تحولي القش إلى ذهب، فسوف تعاقبين بالإعدام.” جلست البنت الجميلة وحيدة في وسط الغرفة، وحاولت تحويل القش إلى ذهب مرات متكررة، لكنها فشلت في كل مرة، فظلت تبكي.
وفجأة، سمعت الفتاة صوتًا قريبًا، فالتفتت إلى مصدر الصوت، فإذا بالصوت وكأنه صوت الباب يفتح ببطء ثم فجأة دخل رجل غريب إلى الغرفة وهو يلحن أغنية بكلمات مضحكة. نظر الرجل الغريب إلى الفتاة الجميلة، فوجدها تنظر إليه بحزن ودهشة، ثم قال لها: “مساء الخير، هل لي أن أسألك لماذا تبكين بهذا الشكل؟” فردت قائلة: “لقد أمرني الملك بتدوير القش وتحويله إلى ذهب قبل شروق الشمس، ولا أعلم كيف يمكنني فعل ذلك.” ضحك الرجل الغريب قليلًا ثم قال: “أنا أعرف كيف أحول القش إلى ذهب.” فردت الفتاة: “أوووه، أنت تعرف بالفعل؟” فسألها الرجل بمكر: “وما المقابل الذي سأحصل عليه عند تحويل القش إلى ذهب؟” فأجابته الفتاة: “سأعطيك قلادة بلادي، خذها.” فأخذ الرجل الغريب القلادة، ثم أمسك قليلًا من القش وحوله إلى خيوط من الذهب، وسلم الفتاة تلك الخيوط.
بدأ الرجل الغريب في تكرار هذه العملية حتى أصبحت الغرفة مليئة بخيوط الذهب. ثم غادر الغرفة. وعند شروق الشمس، دخل الملك ووجد الغرفة مليئة بالذهب، ففرح كثيرًا. وأخذ الملك الفتاة إلى غرفة أكبر مليئة بالقش الأصفر وأمرها أن تحوله إلى ذهب، ثم تركها وخرج. بكت الفتاة بشدة لأنها كانت يائسة من تحويل القش إلى ذهب. ولكن أثناء بكائها، سمعت الباب يفتح ببطء، فدخل الرجل الغريب مرة أخرى وهو يغني أغنية مضحكة. قال لها: “ماذا ستعطيني مقابل تحويل القش إلى ذهب هذه المرة؟” فردت الفتاة: “ليس لدي أي شيء أقدمه لك.” نظر إليها الرجل وقال: “ستعطيني الخاتم الذي في إصبعك.” وبالفعل، أخذ الرجل الخاتم وحول القش إلى ذهب مرة أخرى، وترك الغرفة.
عندما دخل الملك عند شروق الشمس، وجد الغرفة مليئة بالذهب، ففرح كثيرًا وأمر بإحضار كمية أكبر من القش إلى أكبر غرفة في القصر. نظر إلى الفتاة الجميلة وقال: “إذا استطعتِ تحويل هذه الكمية إلى ذهب، فسأجعلك ملكة وستكونين زوجة لي.” اندهشت الفتاة كثيرًا، وجلست وحيدة في الغرفة الكبيرة المليئة بالقش. وفجأة، دخل الرجل الغريب وسألها: “ما الذي ستعطينه لي مقابل تحويل القش إلى ذهب هذه المرة؟” فردت: “لم يبقَ معي أي شيء.” بكت الفتاة بشدة. ضحك الرجل ثم قال: “أنا أعلم. سأطلب منك شيئًا بعد أن تتزوجي الملك وتصبحي ملكة.” وبالفعل، حول الرجل القش إلى ذهب.
بعد عام من الزواج، أنجبت الملكة ابنة جميلة، وكانت قد نسيت وعدها للرجل الغريب. وفي أحد الأيام، بينما كانت الملكة تساعد طفلتها على النوم، سمعت الباب يفتح ببطء، ودخل الرجل الغريب وقال لها: “سآخذ طفلتك مقابل الذهب الذي حولته لك.” بكت الملكة بشدة وحاولت إقناعه بأخذ كل ثرواتها بدلًا من الطفلة. شعر الرجل بالأسف، ثم قال لها: “إذا عرفتِ اسمي في غضون ثلاثة أيام، فلن آخذ طفلتك.” وافقت الملكة على الاتفاق وبدأت بالبحث عن اسمه في القرى المحيطة.
في اليوم الثالث، جاء الرجل الغريب إلى القصر وسأل الملكة عن اسمه. قالت له: “اسمك حطب.” فدهش الرجل وقال: “نعم، هذا اسمي.” وهكذا، لم يأخذ الرجل الغريب الطفلة، وأصبح صديقًا للملك والملكة، وعاش الجميع في سعادة.