تقارير وحوارات

تركيا والدور المشبوه في المنطقة العربية.. هل استبدلت إيران ذراعها الشيعي بآخر سُني؟

كريترنيوز / تقرير

على مدار 3 عقود ماضية سعت جمهورية إيران الإسلامية إلى إقحام عدد من الدول العربية في صراعات مسلحة مذهبية طويلة الأمد اعتمدت على شبكة من الوكلاء في لبنان وسوريا والعراق واليمن لتعزيز نفوذها الإقليمي وتوسيع مشروعها الجيوسياسي مذهبي الشيعي على حساب المذهب السُّني، بذريعة تحرير الأقصى الشريف من قبضة الكيان الإسرائيلي.

 

لعبت تلك الأذرع دوراً محورياً في تنفيذ أجندة طهران على الأرض، فتتت النسيج الاجتماعي وزرعت الأحقاد والفتن المذهبية والطائفية ببعض الأقطار العربية، وأعطت للكيان الإسرائيلي الذريعة للتوسع وممارسة عدوانه الوحشي ضد العرب في فلسطين ولبنان وسوريا.

كما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية تلك الأذرع الإيرانية إلى جانب ملف إيران النووي شماعة لممارسة سياسة استفزاز وابتزاز دول الخليج العربي وإقامة قواعد عسكرية دائمة بالمنطقة العربية.

 

تبادل الأدوار والضحية الشعوب العربية :

 

في الآونة الأخيرة برزت إشارات تدل على تغير في الاستراتيجية الإيرانية، حيث تراجعت مستويات الدعم والغطاء الذي تقدمه إيران لوكلائها التقليديين ذا المذهب الشيعي والاتجاه نحو دعم التيارات السنية المتشددة (الإخوان المسلمين) وأذرعها القاعدة وداعش ومسميات أخرى، ويرى مراقبون أن ذلك التحول أخطر من سابقه ويشير إلى إعادة تقييم طموحاتها العدائية بالمنطقة العربية لاسيما جمعها قاسما مشتركا مع الجمهورية التركية التي تسعى هي الأخرى إلى تدمير جيوش الأقطار العربية وإعادة التقسيم الجغرافي للمنطقة العربية عبر تلك التنظيمات السُّنية والأقليات الدينية والعرقية.

ويرى خبراء عسكريون أن إيران غيرت الاستراتيجية تخلت عن ما يسمى محور المقاومة عقب فشله في تحقيق الطموح الإيراني واتجهت إلى دعم التيارات السُّنية المتشددة لعلها تنجح في (تنفيذ انقلابات والحصول على موطئ قدم أكثر اتساعا داخل صلب المذهب السُّني بالمحيط العربي).

 

وفي سياق ليس بعيد تناولت وسائل إعلام عربية تدوينات لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون خطتها بأحد الكتب المنسوبة إليها

قالت فيها :

دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام وجيد جداً.

وفجأة قامت ثورة شعب مصر 30 يونيو و 3 يوليو 2013م في مصر ، وتم الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي وبالإخوان بشكل عام. كل شيء تغير فى خلال 72 ساعة.

كنا على اتفاق مع (إخوان) مصر على إعلان دولة إسلامية فى سيناء وإعطائها لحماس وجزء لإسرائيل لحمايتها وانضمام حلايب وشلاتين إلى السودان وفتح الحدود مع ليبيا من ناحية السلوم.

تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 2013/7/5

وكنا ننتظر الإعلان لكى نعترف نحن وأوروبا بها فوراً.

وتقول هيلاري :

كنت قد زرت 112 دولة فى العالم من أجل شرح الوضع الأمريكي مع مصر.

وتم الاتفاق مع بعض الدول الأصدقاء بالاعتراف بالدولة الإسلامية حال إعلانها فورا

وفجأة تحطم كل شيء

كل شيء كسر أمام أعيننا بدون سابق إنذار.

شيء مهول حدث؟

فكرنا في استخدام القوة

ولكن مصر ليست سوريا أو ليبيا.

جيش مصر قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدا.

وعندما تحركنا بعدد من قطع الأسطول الأمريكي ناحية الإسكندرية تم رصدنا من قبل سرب غواصات حديثة جدا يطلق عليها ذئاب البحر 21 وهي مجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتتبع، وعندما حاولنا الاقتراب من قبالة البحر اأحمر فوجئنا بسرب طائرات ميج 21 الروسية القديمة.

ولكن الأغرب أن راداراتنا لم تكتشفها من أين أتت وأين ذهبت؟ بعد ذلك فضلنا الرجوع مرة أخرى.

إزداد التفاف الشعب المصري حول جيشه وتحركت الصين وروسيا رافضين هذا الوضع وتم رجوع قطع الأسطول وإلى الآن لانعرف كيف نتعامل مع مصر وجيشها.

وتقول هيلاري : إذا استخدمنا القوة ضد مصر خسرنا

وإذا تركنا مصر خسرنا.

شيء في غاية الصعوبة.

مصر هي قلب العالم العربي والإسلامي ومن خلال سيطرتنا عليها من خلال الإخوان ومايسمى الدولة الإسلامية في سيناء ، وكان بعد ذلك سيتم تقسيمها ثم سيتم التوجه بعد ذلك لدول الخليج والمغرب العربي ليعاد تقسيم المنطقة العربية بالكامل لتتماشى مع مصالح أمريكا وإسرائيل بالمنطقة.

 

الشعوب العربية هي من تصنع الحكام الطغاة وهي من تدفع الثمن :

 

يرى القيادي بانتقالي أبين الأستاذ حيدرة عبدالله خلال حديثه لسمانيوز أن الشعوب العربية هي من تصنع الحكام الطغاة وهي من تدفع الثمن، مشيرا إلى استخدام الحكام العرب كافة الأساليب لاستمرار بقائهم المؤبد على كرسي السلطة.

وقال : لايكتفون بذلك بل يورثونه إلى أبنائهم وفي ذات الوقت يتشدقون بالديمقراطية والتبادل السلمي السلس للسلطة. وأضاف : إذا طالب الشعب أولئك الحكام بإفساح المجال أمامه ليختار وجوها جديدة بدلاً عنهم (قامت القيامة) رأينا العجب العجاب يكشرون عن أنيابهم ويفتحون الأبواب لتنفيذ (عقاب جماعي) ضد الشعب عبر استجلاب أدوات ومسميات إرهابية مختلفة لتعيث في البلد خرابا إلى جانب العقاب الاقتصادي والخدمي.

وختم الأستاذ حيدرة قائلاً : لايزال الحضور الإيراني قائما ، فالإخوان هم أحد أذرعها بالمنطقة العربية ، ومن الواضح أن تركيا دخلت على الخط الإخواني وبقوة كونها معقلهم الرئيسي ما يشير إلى أن قواعد اللعبة قد تتغير إلى الأسوأ.

 

تجمع تركيا وإيران حدود وأطماع وأهداف استراتيجية مشتركة :

 

وكان القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ فيصل النجار مسك ختام تقريرنا الذي يرى أن لدولتي إيران وتركيا حدود وأطماع وأهداف استراتيجية مشتركة بالمنطقة العربية.

وأضاف : نجحت إيران بفرض نفسها كلاعب أساسي بعدما شكلت جماعات مسلحة هي :

حركتا الجهاد وحماس بغزة ، وحزب الله لبنان، وجماعات مسلحة بالعراق، وجماعة الحوثي وأطلقت عليه اسم (محور المقاومة)، وأغلب تلك المسميات على قائمة الإرهاب لدى أمريكا.

وتساءل الأستاذ فيصل قائلاً :

كيف سقطت أذرع إيران؟ نقول بداية السقوط لها من معركة 7 أكتوبر في غزة التي دمرتها إسرائيل أمام صمت العالم مع مقاومتها ثم انتقل الدور إلى حزب الله اللبناني وبقتل كبيرهم (نصر الله) أعلن الحزب استسلامه وانسحبت كل فصائله من سوريا ، وهنا يبدا مشهد المعارضة السورية يقوى، تدفعه تركيا التي يعتبر الجيش الوطني السوري مواليا لها ، دور تركيا توسعي أمني خوفا من قوات شمال العراق (قسد) والتي ولاؤها لأمريكا ضد داعش.

وتابع قائلاً : تركيا بالمشهد منذ 2016م تنفذ عمليات شمال سوريا وفي 2019م نفذت قواتها عملية نبع السلام،

بعد سقوط أذرع إيران بالشام بتحالف إسرائيلي تركي أمريكي استطاعت المعارضة تتقدم بدعم تركي أمريكي كبير حتى أسقطت العاصمة دمشق ليسقط نظام الأسد بعد 14عاما من الصراع الدموي.

والغريب بالأمر أن سقوط النظام أجبر روسيا على الانسحاب وسقطت قاعدة (حميميم) المشهورة بتسليحها وقدراتها لتغادر سوريا ذاعنة للمتغيرات وقبلها إيران انسحبت قبل سقوط نظام الأسد بأيام،

والمستفيد الأكبر من سقوط نظام الأسد هي تركيا التي ستغطي مكان إيران وروسيا ولكنها تعاني من كابوس أمريكا بالشمال التركي المؤيد لأعداء تركيا فهل تستطيع تأمين جبهة الشمال حيث الصداع المزمن لها من حزب العمال الكردستاني الذي يشكل إزعاجا على أمن تركيا التي دفعت بكل طاقتها لمساعدة المعارضة السورية حتى تصل إلى نقطة شمال تركيا. حيث مازالت المنطقة مهددة بالتحديات فالأكراد تدعمهم أمريكا وقد ينتصروا بالبقاء أطول فترة ممكنة وبحكم ذاتي أو بدولة ، الأمر الذي لايمكن الموافقة عليه من تركيا.

وختم الأستاذ فيصل قائلاً : هذا هو حال السياسة ليست قوالب ثابتة ، ولكنها رمال متحركة وبحركتها لاشك أنها ستعيد رسم الخارطة السياسية بالمنطقة ، ونقرأ من الآن سيناريو غدا وقد وقعت حروفه الأولى دولياً، ونتمتى أن تتخلص اليمن من الذراع الإيراني وكفى.

 

ختامًا ..

 

يرى مختصون أن دولتي إيران وتركيا هما قطبا الإسلام السياسي بشقيه السُّني والشيعي والمختلط تجمعهما قواسم مشتركة لهما أطماع وطموح في استعادة الإمبراطوريات (الفارسية والعثمانية) البائدات على حساب تفتيت الأقطار العربية وتقسيمها وفق المذاهب والطوائف والأعراق.

زر الذهاب إلى الأعلى