مقالات وآراء

التحديات القانونية والسياسية للمنظمات الدولية في اليمن

كتب: حافظ الشجيفي

 

تتداول الأنباء مؤخرًا في المواقع الإخبارية وعلى منصات التواصل الاجتماعي معلومات عن استعداد المنظمات الدولية لنقل مكاتبها الرئيسبة من صنعاء، الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية، إلى عدن، عقب تصنيف الإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة دونالد ترامب، الحوثيين كمنظمة إرهابية. حيث تدفع هذه التطورات نحو تساؤلات عميقة حول طبيعة الالتزامات القانونية والأخلاقية التي تقع على المنظمات الدولية العاملة في السياقات الإنسانية المتشابكة في اليمن.

 

في البداية، يجب أن نفهم أن القرار الأمريكي بتصنيف الحوثيين كمنظمة ارهابية هارجية بحد ذاته يعد سياسة داخلية تخص الولايات المتحدة وألاجهزة والمؤسسات التابعة لها فقط فالمناهج القانونية التي توجه عمل المنظمات الدولية غير الأمريكية لا تتأثر بهذا القرار. والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة أوكسفام وغيرها من المنظمات غير التابعة للولايات المتحدة غير ملزمة بالخضوع والامتثال لقراراتها بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية. لإن القرارات المتعلقة برسم السياسات تجاه الأزمات الإنسانية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار القوانين الدولية التي تحكم عمل هذه المنظمات، والتي تتعذر تسويتها بإجراءات أمريكية تنظر إلى الوضع من زاوية مختلفة.

 

ثمة تباين واضح هنا بين الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، مثل القرار رقم 2216 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 2015، الذي فصل في طبيعة الحوثيين كطرف انقلابي استولى على السلطة بواسطة القوة في اليمن، وبين التوجه الذي تقوم به بعض الدول، بما في ذلك الهند، بافتتاح سفاراتها في صنعاء على نحو يشير إلى وجود خلل في تطبيق القرارات الدولية، حيث تؤكد المنظمات الدولية التزامها بالمعايير الدولية التي تضعها الأمم المتحدة، ولكن استمرار وجودها في صنعاء يتعارض بشكل صارخ مع قرار مجلس الأمن الذي يتطلب من كل الأطراف الالتزام بحماية الشرعية في اليمن.

 

إن استمرار عمل المنظمات الدولية في صنعاء على الرغم من هذه المحددات يثير تساؤلات حقيقية حول خلفيات هذه القرارات. كيف يمكن لهذه المنظمات أن تعتمد قرارًا أمريكيًا في سياق لا تحترم فيه القرارات الواضحة والصريحة لمجلس الأمن الرامية لإعادة السلطة الشرعية في اليمن؟ هذا التناقض يلقي بظلاله على مصداقية تلك المنظمات، ويشير إلى أن هناك حاجة ماسة لتوضيح الأدوار والالتزامات في سياقات العمل الإنساني والدوبلماسي.

 

عندما نفكر في الآثار المحتملة لإبقاء المنظمات الدولية في صنعاء من الناحية القانونية والسياسية، نجد أنه ينشأ تبرير ضمني لاستمرار وجود تلك القوى الانقلابية دون حساب للنتائج التي تترتب على ذلك ومن اللازم أن تؤدي المنظمات الدولية دورها وفق المعايير الدولية، وأن تسعى للتحول إلى مناطق آمنة تضمن حقوق الإنسان وتقدم المساعدة الفورية لمن هم في أمس الحاجة إليها.

 

ومن هنا فانه يجب أن نتعامل مع الوضع القائم في اليمن بفهم عميق للإلتزامات القانونية والإنسانية. فالنهوض بالمسؤولية الدولية يتطلب من المنظمات أن تتجاوز الخطط قصيرة المدى، وأن تعمل نحو تحقيق أهداف طويلة الأمد تسهم في إعادة بناء المجتمع وضمان استقراره. إذ يشكل التزام المنظمات بقرارات مجلس الأمن الأساس الذي يمكن أن تتجه نحوه الجهود الدبلوماسية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، والعمل على إيجاد حلول تدعم حقوق الإنسان وتساعد في إعادة الشرعية إلى البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى