مقالات وآراء

البخلاء لا يبنون وطنا ..ولن يحققوا مكاسب

كتب: مـيـثاق عبده سعيد

البُخل صفة رذيلة تضع صاحبها في أدنى وأسفل الشخصيات بين المجتمع ، والبخل بضم ( البأ ) تصدر منه كلمات عديدة مثل بخل – يبخل – بخيل- أبخل والبخيل وجمعه تكسيراً البخلاءُ

إن لهولاء الصنف من البشر أضراراً على المجتمع بل عالة على الشعوب ، مع ذلك أن البخيل لايبني وطن ولايحقق أي مكاسب تصب لمصلحة الناس

والبخل يطلق على معنى يلاحظ من خلال تصرفات صاحبه

قال عنهم الجاحظ في كتاب له عدة ابواب لايتسع ذكرها

وقد ذمهم كثير من الشعراءُ العرب ، وقد شبه الشاعر اللبناني إيليا ابو ماضي في قصيده له الإنسان البخيل كالنخلة الحمقاء والنخلة الحمقاء صورها الشاعر هي التي تبقى منصوبة في الأرض لاتعطي خيرها الآخرين كالإنسان الاحمق الذي يقوده بخله في منع خيره للناس في مطلع القصيدة يقول الشاعر :

ونخلة غضة الأفنان باسقة

قالت لأترابها والصيف يحتظرُ

يقول الشاعر رب نخلة منحها الله نضارة في الجسم وطول في القامة حملها بخلها وحمقها أن تعلن لمثيلاتها عند قرب الصيف أنها قد تعبت كثيراً وهي لايستفيد منها أحد وقد صور الشاعر في القصيدة ذاتها عن الإنسان البخيل حيث قال :

عاد الربيع إلئ الدنياء بموكبه

*فأزينت وأكتست بالسندس الشجرُ

وظلت النخلة الحمقاء عارية

كأنها وتد في الأرض أو حجرُ

فلم يطق صاحب البستان رؤيتها

فأجتثها فهوت في النار تستعرُ

وقد الشاعر هذه الأبيات بأسلوب خيالي مشهداً رائعاً يموج بالحركة والحياة ؛ فالربيع يقبل إلئ الحياة والأحياء في موكب رهيب والأشجار تلبس فيه أجمل ثيابها والنخلة البخيلة تقف عارية كئيبة والبستاتي يغضب لهذا المنظر

تلك هي النهاية الماساوية للنخلة الحمقاء عندما أخذ البستاني ، فأسة ليجتثها ويقتلعها حفاظاً على لوحة الحياة البهيجة لأن ذلك حين عاد الربيع وأكتست كل الأشجار وأعطت لون جمال الطبيعة الإ تلك النخلة بقيت كما هي لاتعطي خيرها ولا تظهر جمالها من بين الأشجار

وكذلك هو حال الإنسان البخيل حين تكون نهايته للهاوية لانه لم يضع له ماثر في دنياه فلم يذكر بشيء بعد مماته

وكل هذه الأساليب والصور المتحركة تجعلنا نتفاعل معها وكأننا نعيش هذا الحدث واقعاً او نستعرضه فيلما، مرئيا

ويختتم الشاعر قصيدته بقوله

من ليس يسخو بما تسخو الحياة به

كأنه أحمق بالحرص ينتحرْ

وأختتم الشاعر هذه القصة الرمزية في البيت الأخير بما تشبه الحكمة أن البخل منشؤه الجهل ، ومآله الأنتحار أما من يبذل ويعطي وينفق بما سخر الله له من نعم وأموال يقدمها للآخرين فإنه محبوب وعمره مديد وذكره بين الناس حسن ومنزلته عند الله عالية

وقد شبه الإمام الشافعي في قوله عن البخيل

ولا ترجو السماحة من بخيلِ

فما في النار للظمآن ماءُ

الشافعي يقول عن البخيل في تشبيه بليغ له

ولا ترجو السماحة من بخيل

لذلك أن البخيل لأحد ينتظر أو يترجى منه السماحة عن أي فعلاً مرتبط بالإنسان البخيل ووضع المقارنة بين بخل الشخص لايستطيع أن ينقذ أحد كالنأر عندما يحتسبها الأنسان العاطش الذي أصيب بظمأ فهل ينتظر من سعير النار أن تروي عطشه فكذلك هو البخيل فلا احد ينتظر منه خير

زر الذهاب إلى الأعلى